بسم الله الرحمن الرحيم
السيّدة فاطمة أمّ فروة (عليها السلام) بنت القاسم والدة الإمام الصادق (عليه السلام)
السيّدة فاطمة أمّ فروة (عليها السلام) بنت القاسم والدة الإمام الصادق (عليه السلام)
نسبها
هي السيدة الجليلة فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، والدة الإمام الصادق (عليه السلام).
كنيتها: أم فروة، وقيل: أم القاسم.
وقد كانت (عليها السلام) من الصالحات القانتات، ومن أتقى نساء أهل زمانها.
قال الإمام الصادق(عليه السلام): «وكانت اُمّي ممّن آمنت واتّقت وأحسنت والله يحب المحسنين»(1).
وقال أبو الحسن الكاظم (عليه السلام): «كان أبي (عليه السلام) يبعث أمي وأم فروة تقضيان حقوق أهل المدينة»(2).
وفي أعيان الشيعة: اُمّ فروة، وقيل: اُمّ القاسم، واسمها قريبة أو فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، واُمّها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، وهذا معنى قول الإمام الصادق (عليه السلام): «ولدني أبو بكر مرتين»(3) .
والدها
كان أبوها: القاسم من ثقاة أصحاب الإمام علي بن الحسين زين العابدين(عليه السلام).
قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كان سعيد بن المسيّب والقاسم بن محمد بن أبي بكر وأبو خالد الكابلي، من ثقات علي بن الحسين (عليه السلام)»(4).
جدها
وكان جدها محمد بن أبي بكر من خلص شيعة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وحواريه، وقد ولاه الإمام (عليه السلام) مصر وكتب إليه عهداً(5)، ووالدته(6) السيدة الجليلة أسماء بنت عميس (رضوان الله عليها).
قتله معاوية بمصر(7)، وقد ترحم أمير المؤمنين(عليه السلام)(8) والإمام الصادق(عليه السلام) عليه(9).
ووردت في فضله روايات عديدة نشير إلى بعضها:
من هم شيعة علي (عليه السلام)
في الاحتجاج بالإسناد إلى أبي محمد العسكري (عليه السلام) قال: «قدم جماعة فاستأذنوا على الرضا (عليه السلام) وقالوا: نحن من شيعة علي، فمنعهم أياما، ثم لما دخلوا قال لهم: ويحكم إنما شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام): الحسن والحسين وسلمان وأبو ذر والمقداد وعمار ومحمد بن أبي بكر الذين لم يخالفوا شيئاً من أوامره»(10).
أين حواري علي (عليه السلام) ؟
وقال أبو الحسن موسى (عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين حواري محمد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه، فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر، ثم ينادي أين حواري علي بن أبي طالب وصي محمد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فيقوم عمرو بن الحمق الخزاعي ومحمد بن أبي بكر وميثم بن يحيى التمار مولى بني أسد وأويس القرني»(11).
إنه شهيد حي
قال سليم: فلمّا قتل محمد بن أبي بكر بمصر وعزّيت به أمير المؤمنين(عليه السلام) وخلوت به وحدثته بما حدثني به محمد بن أبي بكر وبما حدّثني به ابن غنم، قال: «صدق محمد رحمه اللّه، أما انّه شهيد حيّ مرزوق»(12).
عند الله نحتسبه
وفي التاريخ أنه حزن أمير المؤمنين (عليه السلام) عند ما بلغه خبر استشهاد محمد بن أبي بكر، حتى رئي ذلك فيه وتبين في وجهه وقام في الناس خطيباً: «ألا وإن محمد بن أبي بكر قد استشهد رحمه الله فعند الله نحتسبه، أما والله لقد كان ما علمت ينتظر القضاء ويعمل للجزاء ويبغض شكل الفاجر ويحب هين المؤمن»(13).
حزن الإمام (عليه السلام) عليه
وورد أنه: قدم عبد الرحمن بن شبيب وكان عيناً لعلي(عليه السلام) وأخبره أنه لم يخرج من الشام حتى قدمت البشر من قبل عمرو بن العاص يتبع بعضه بعضاً بفتح مصر وقتل محمد بن أبي بكر، وقال: يا أمير المؤمنين ما رأيت يوماً قط سروراً مثل سرور رأيته بالشام حين أتاهم قتل محمد، فقال علي(عليه السلام) : «أما إن حزننا على قتله على قدر سرورهم به لا بل يزيد أضعافا».
فرد (عليه السلام) مالكا من الطريق وحزن على محمد حتى رؤي ذلك فيه وتبين في وجهه، وقام خطيبا فحمد الله وأنثى عليه ثم قال: «ألا وإن مصر قد افتتحها الفجرة أولياء الجور والظلم الذين صدوا عن سبيل الله وبغوا الإسلام عوجاً ألا وإن محمد بن أبي بكر قد استشهد رحمه الله عليه وعند الله نحتسبه، أما والله لقد كان ما علمت ينتظر القضاء ويعمل للجزاء ويبغض شكل الفاجر ويحب سمت المؤمن»(14).
إنه ولدي
وقال المدائني: وقيل لعلي(عليه السلام) لقد جزعت على محمد بن أبي بكر جزعاً شديداً يا أمير المؤمنين؟ فقال: «وما يمنعني أنه كان لي ربيباً وكان لبني أخاً وكنت لـه والداً أعده ولداً»(15).
جزع الأمير (عليه السلام) عليه
وعن عبد الله بن جعفر ذي الجناحين قال: (لما جاء علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) مصاب محمد بن أبي بكر حيث قتله معاوية بن حديج السكوني بمصر جزع عليه جزعا شديدا)(16).
نقصنا حبيباً
وفي (نهج البلاغة) وقال(عليه السلام) لما بلغه قتل محمد بن أبي بكر: «إن حزننا عليه على قدر سرورهم به إلا أنهم نقصوا بغيضاً ونقصنا حبيباً»(17).
الولد الناصح
وفي (نهج البلاغة) أيضاً: ومن كتاب لـه (عليه السلام) إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد بن أبي بكر بمصر: «أما بعد فإن مصر قد افتتحت ومحمد بن أبي بكر رحمه الله قد استشهد فعند الله نحتسبه ولدا ناصحا، وعاملا كادحا، وسيفا قاطعا، وركنا دافعا، وقد كنت حثثت الناس على لحاقه وأمرتهم بغياثه قبل الوقعة ودعوتهم سراً وجهراً وعوداً وبدءً»(18).
رسالة إلى معاوية
وفي (الاحتجاج): كتب محمد بن أبي بكر (رضي الله عنه) إلى معاوية احتجاجا عليه:
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ من محمد بن أبي بكر إلى الباغي معاوية بن صخر، سلام الله أهل طاعة الله ممن هو أهل دين الله وأهل ولاية الله، أما بعد فإن الله بجلاله وسلطانه خلق خلقا بلا عبث منه ولا ضعف به في قوة، ولكنه خلقهم عبيدا فمنهم شقي وسعيد وغوي ورشيد، ثم اختارهم على علم منه واصطفى وانتخب منهم محمدا(صلى الله عليه وآله وسلم)واصطفاه لرسالته وائتمنه على وحيه فدعا إلى سبيل ربه (بِالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ((19)، فكان أول من أجاب وأناب وأسلم وسلّم أخوه وابن عمه علي بن أبي طالب (عليه السلام) فصدقه بالغيب المكتوم وآثره على كل حميم ووقاه كل مكروه وواساه بنفسه في كل خوف، وقد رأيتك تساويه وأنت أنت وهو هو، المبرز السابق في كل خير وأنت اللعين بن اللعين، لم تزل أنت وأبوك تبغيان لدين الله الغوائل وتجتهدان على إطفاء نور الله، تجمعان الجموع على ذلك وتبذلان فيه الأموال وتحالفان عليه القبائل، على ذلك مات أبوك وعليه خلفته أنت فكيف لك الويل تعدل عن علي وهو وارث رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ووصيه وأول الناس لـه اتباعا وآخرهم به عهدا، وأنت عدوه وابن عدوه، فتمتع بباطلك ما استطعت، وتبدد بابن العاص في غوايتك، فكأن أجلك قد انقضى، وكيدك قد وهى، ثم تستبين لمن تكون العاقبة العليا، والسلام على من اتبع الهدى).
فأجابه معاوية: (إلى الزاري على أبيه محمد بن أبي بكر، سلام على أهل طاعة الله، أما بعد فقد أتاني كتابك تذكر فيه ما الله أهله في قدرته وسلطانه مع كلام ألفته ورصفته لرأيك فيه، ذكرت حق علي وقديم سوابقه وقرابته من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ونصرته ومواساته إياه في كل خوف وهول، وتفضيلك عليا وعيبك لي بفضل غيرك لا بفضلك، فالحمد لله الذي صرف ذلك عنك وجعله لغيرك، فقد كنا وأبوك معنا في زمان نبينا محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)نرى حق علي لازما لنا وسبقه مبرزا علينا، فلما اختار الله لنبيه(صلى الله عليه وآله وسلم)ما عنده وأتم لـه ما وعده وقبضه إليه(صلى الله عليه وآله وسلم)فكان أبوك وفاروقه أول من ابتزه حقه وخالفه على ذلك اتفقا ثم دعواه إلى أنفسهما فأبطأ عليهما فهما به الهموم وأرادا به العظيم فبايع وسلم لأمرهما لا يشركانه في أمرهما ولا يطلعانه على سرهما حتى قضى الله من أمرهما ما قضى، ثم قام بعدهما ثالثهما يهدي بهديهما ويسير بسيرتهما فعبته أنت وأصحابك حتى طمع فيه الأقاصي من أهل المعاصي حتى بلغتما منه مناكم، وكان أبوك مهد مهاده، فإن يكن ما نحن فيه صوابا فأبوك أوله، وإن يكن جورا فأبوك سنه ونحن شركاؤه وبهديه اقتدينا، ولولا ما سبقنا إليه أبوك ما خالفنا عليا ولسلمنا له، ولكنا رأينا أباك فعل ذلك فأخذنا بمثاله، فعب أباك أو دعه، والسلام على من تاب وأناب)(20).
نجابته من أمه
وعن حمزة بن محمد الطيار قال:
ذكرنا محمد بن أبي بكر عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «رحمه الله وصلى عليه، قال لأمير المؤمنين (عليه السلام) يوما من الأيام: ابسط يدك أبايعك، فقال: أوما فعلت؟ قال: بلى، فبسط يده، فقال: أشهد أنك إمام مفترض طاعتك وأن أبي في النار، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): كان النجابة من قبل أمه أسماء بنت عميس رحمة الله عليها لا من قبل أبيه»(21).
هكذا بايع
وعن زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام): «أن محمد بن أبي بكر بايع عليا (عليه السلام) على البراءة من الأول»(22).
وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «بايع محمد بن أبي بكر على البراءة من الثاني»(23).
الأصحاب الأصفياء
كما ورد أن «من أصفياء أصحابه ـ أي أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ـ عمرو بن الحمق الخزاعي عربي وميثم التّمار وهو ميثم بن يحيى مولى ورشيد الهجري وحبيب بن مظهّر الأسدي ومحمد بن أبي بكر»(24).
لا يرضى بمعصية الله
وعن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «كان عمّار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر لايرضيان أن يعصى اللّه عزّ وجلّ»(25).
المحامدة
وعن أبي الحسن الرّضا (عليه السلام) قال: «كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: إنّ المحامدة تأبى أن يعصى عزّوجلّ، قلت: ومن المحامدة؟ قال: محمد بن جعفر، ومحمد بن أبي بكر ، ومحمد بن أبي حذيفة، ومحمد بن أمير المؤمنين ابن الحنفيّة ـ رحمهم اللّه ـ أمّا محمد بن أبي حذيفة فهو ابن عتبة بن ربيعة، وهو ابن خال معاوية»(26).
وفي يوم الجمل
وفي التاريخ أنه: سلّم محمد بن أبي بكر يوم الجمل على عائشة ـ أخته ـ فلم تكلمه، فقال: أسألك بالله الذي لا إله إلا هو، ألا سمعتك تقولين: الزم علي بن أبي طالب، فإني سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يقول: «الحق مع علي وعلي مع الحق لا يفترقان حتى يردا علي الحوض»؟
قالت: بلى قد سمعت ذلك منه(صلى الله عليه وآله وسلم)(27).
يحدث بفضائل فاطمة (عليها السلام)
وروي: أن محمد بن أبي بكر قرأ (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ( الآية(28)، قلت: وهل تحدث الملائكة إلا الأنبياء؟ قال: مريم ولم تكن نبية وكانت محدثة، وسارة وقد عاينت الملائكة وبشروها بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، ولم تكن نبية، وفاطمة بنت محمد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)كانت محدثة، ولم تكن نبية»(29).
أسماء بنت عميس
وأم محمد بن أبي بكر هي السيدة الجليلة أسماء بنت عميس كانت تحت جعفر بن أبي طالب وهاجرت معه إلى الحبشة فولدت لـه هناك عبد الله بن جعفر الجواد ثم قتل عنها يوم مؤتة، فخلف عليها أبو بكر فأولدها محمداً ثم مات عنها، فخلف عليها علي بن أبي طالب (عليه السلام) وكان محمد ربيبه وخريجه، وجاريا عنده مجرى أولاده، ورضيع الولاء والتشيع مذ زمن الصبا، فنشأ عليه، فلم يمكن يعرف أباً غير علي (عليه السلام) ولا يعتقد لأحد فضيلة غيره، حتى قال(عليه السلام): «محمد ابني من صلب أبي بكر»، وكان يكنى أبا القاسم، وقيل: أبا عبد الرحمن، وكان من نساك قريش، وكان ممن أعان في يوم الدار، واختلف هل باشر قتل عثمان أو لا، ومن ولد محمد: القاسم بن محمد بن أبي بكر فقيه أهل الحجاز وفاضلها، ومن ولد القاسم: عبد الرحمن من فضلاء قريش ويكنى أبا محمد، ومن ولد القاسم أيضا: أم فروة تزوجها الإمام الباقر أبو جعفر محمد بن علي صلوات الله عليهما(30).
إنهما ابنا خالة
وفي بعض التواريخ: (إن حريثا بعث إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ببنتي يزدجرد فأعطى واحدة لابنه الحسين (عليه السلام) فأولدها علي بن الحسين (عليه السلام) وأعطى الأخرى محمد بن أبي بكر فأولدها القاسم بن محمد فهما ابنا خالة)(31).
أختها
ولاُمّ فروة اُخت تعرف باُمّ حكيمة، كانت زوجة اسحاق العريضي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، ولدت لـه القاسم، وهو رجل جليل، كان أميراً على اليمن، وهو أبو داود بن القاسم المعروف بأبي هاشم الجعفري البغدادي، العالم الورع، الثقة الجليل، الذي أدرك الرضا وبقية الأئمة (عليهم السلام)، وكان من وكلاء الناحية المقدّسة، وكان عالي النسب، فإنه ينتهي إلى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (عليه السلام).
فقهها
روى الكليني في الكافي بسنده عن عبد الأعلى قال: رأيت اُمّ فروة تطوف بالكعبة عليها كساء متنكّرة، فاستلمت الحجر بيدها اليسرى، فقال لها رجل ممّن يطوف: يا أمة الله أخطأت السُنّة.
فقالت: إنّا لأغنياء عن علمك(32).
وعن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا دخلت الحرم فتناول من الإذخر فامضغه» وكان يأمر أم فروة بذلك(33).
رواياتها
وقد روت هذه السيدة الجليلة عن أهل البيت (عليهم السلام)روايات عديدة، منها ما روته عن الإمام السجّاد (عليه السلام) حيث قال لها:
«يا اُمّ فروة إني لأدعو الله(34) لمذنبي شيعتنا في اليوم والليلة ألف مرة، لأنّا نحن فيما ينوبنا من الرزايا نصبر على ما نعلم من الثواب، وهم يصبرون على ما لا يعلمون»(35).
رعايتها
كان الإمام الصادق (عليه السلام) يهتم برعاية زوجته أم فروة، وقد اشترى لها خادمة لكي تعينها في أمور البيت.
قال أبو عبد الله (عليه السلام) لإسماعيل حبيبه وحارث البصري: «اطلبوا لي جارية من هذا الذي تسمونها كدبانوجة(36) مسلمة تكون مع أم فروة».
فدلوه على جارية كانت لشريك لأبي من السراجين فولدت لـه بنتا ومات ولدها، فأخبروه بخبرها فاشتروها وحملوها إليه، وكان اسمها رسالة فحول اسمها فسماها سلمى وزوجها سالم فهي أم حسين بن سالم.
وفي بعض الروايات أن مولاتها كانت (سعيدة).
في التهذيب عن الحسين بن مسلم قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ جاءه محمد بن عبد السلام، فقال له: جعلت فداك يقول لك جدي: إن رجلاً ضرب بقرة بفأس فسقطت ثم ذبحها؟
فلم يرسل معه بالجواب، ودعا سعيدة مولاة أم فروة فقال لها: «إن محمد جاءني برسالة منك، فكرهت أن أرسل إليك بالجواب معه، فإن كان الرجل الذي ذبح البقرة حين ذبح خرج الدم معتدلاً فكلوا وأطعموا، وإن كان خرج خروجاً متثاقلاً فلا تقربوه»(37).
dr. Sajid Sharif Atiya سجاد الشمري
(1) الكافي: ج1 ص473 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمّد (عليه السلام) ح1.
(2) الكافي: ج3 ص217 باب ما يجب على الجيران لأهل المصيبة واتخاذ المأتم ح5.
(3) بحار الأنوار: ج29 ص651.
(4) الكافي: ج1 ص473 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمّد (عليه السلام) ح1.
(5) نهج البلاغة، الرسائل: 34، ومن كتاب لـه (عليه السلام) إلى محمد بن أبي بكر. وانظر بحار الأنوار: ج33 ص540 ب30 ح720.
(6) أي والدة محمد بن أبي بكر.
(7) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج6 ص91-92 ولاية محمد بن أبي بكر على مصر.
(8) انظر تهذيب الأحكام: ج10 ص232 ب18 ح49.
(9) انظر تهذيب الأحكام: ج10 ص232 ب18 ح49.
(10) بحار الأنوار: ج22 ص330 ب10 ح39.
(11) بحار الأنوار: ج22 ص342 ب10 ضمن ح52.
(12) الإرشاد: ج2 ص393 خبر وفاة أبي بكر ومعاذ بن جبل.
(13) الغارات: ج1 ص195، ورود قتل محمد بن أبي بكر على علي (عليه السلام).
(14) بحار الأنوار: ج33 ص563 ب30.
(15) بحار الأنوار: ج33 ص566 ب30 ضمن ح722.
(16) بحار الأنوار: ج33 ص589 ب30 ضمن ح734.
(17) نهج البلاغة، قصار الحكم: ح325.
(18) نهج البلاغة، الكتب: 35.
(19) سورة النحل: 125.
(20) بحار الأنوار: ج33 ص589 ب30 ح723.
(21) بحار الأنوار: ج33 ص584 ب30 ح727.
(22) انظر الاختصاص: ص70 محمد بن أبي بكر.
(23) بحار الأنوار: ج33 ص585 ب30 ح731.
(24) راجع بحار الأنوار: ج34 ص271 ب34.
(25) رجال الكشي: ج1 ص63 محمد بن أبي بكر ح112.
(26) راجع بحار الأنوار: ج33 ص271 ب20 ح520.
(27) المناقب: ج3 ص62 فصل في أنه (عليه السلام) مع الحق والحق معه.
(28) سورة الحج: 52.
(29) راجع بحار الأنوار: ج43 ص55 ب3 ح48.
(30) انظر بحار الأنوار: ج42 ص162 ب124 ضمن ح33.
(31) بحار الأنوار: ج45 ص330 ب48 ضمن ح3.
(32) الكافي: ج4 ص428 باب نوادر الطواف ح6.
(33) الكافي: ج4 ص398 باب دخول الحرم ح3.
(34) أي استغفر.
(35) الكافي: ج1 ص473 باب مولد أبي عبدالله جعفر بن محمّد (عليه السلام) ح1.
(36) كدبانوجة: معربة (كدبانو) أي المرأة التي تدير البيت وتقوم بشوؤنها من الطبخ وما أشبه.
(37) تهذيب الأحكام: ج9 ص56 ب1 ح236.
هي السيدة الجليلة فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، والدة الإمام الصادق (عليه السلام).
كنيتها: أم فروة، وقيل: أم القاسم.
وقد كانت (عليها السلام) من الصالحات القانتات، ومن أتقى نساء أهل زمانها.
قال الإمام الصادق(عليه السلام): «وكانت اُمّي ممّن آمنت واتّقت وأحسنت والله يحب المحسنين»(1).
وقال أبو الحسن الكاظم (عليه السلام): «كان أبي (عليه السلام) يبعث أمي وأم فروة تقضيان حقوق أهل المدينة»(2).
وفي أعيان الشيعة: اُمّ فروة، وقيل: اُمّ القاسم، واسمها قريبة أو فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، واُمّها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، وهذا معنى قول الإمام الصادق (عليه السلام): «ولدني أبو بكر مرتين»(3) .
والدها
كان أبوها: القاسم من ثقاة أصحاب الإمام علي بن الحسين زين العابدين(عليه السلام).
قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كان سعيد بن المسيّب والقاسم بن محمد بن أبي بكر وأبو خالد الكابلي، من ثقات علي بن الحسين (عليه السلام)»(4).
جدها
وكان جدها محمد بن أبي بكر من خلص شيعة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وحواريه، وقد ولاه الإمام (عليه السلام) مصر وكتب إليه عهداً(5)، ووالدته(6) السيدة الجليلة أسماء بنت عميس (رضوان الله عليها).
قتله معاوية بمصر(7)، وقد ترحم أمير المؤمنين(عليه السلام)(8) والإمام الصادق(عليه السلام) عليه(9).
ووردت في فضله روايات عديدة نشير إلى بعضها:
من هم شيعة علي (عليه السلام)
في الاحتجاج بالإسناد إلى أبي محمد العسكري (عليه السلام) قال: «قدم جماعة فاستأذنوا على الرضا (عليه السلام) وقالوا: نحن من شيعة علي، فمنعهم أياما، ثم لما دخلوا قال لهم: ويحكم إنما شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام): الحسن والحسين وسلمان وأبو ذر والمقداد وعمار ومحمد بن أبي بكر الذين لم يخالفوا شيئاً من أوامره»(10).
أين حواري علي (عليه السلام) ؟
وقال أبو الحسن موسى (عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين حواري محمد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه، فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر، ثم ينادي أين حواري علي بن أبي طالب وصي محمد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فيقوم عمرو بن الحمق الخزاعي ومحمد بن أبي بكر وميثم بن يحيى التمار مولى بني أسد وأويس القرني»(11).
إنه شهيد حي
قال سليم: فلمّا قتل محمد بن أبي بكر بمصر وعزّيت به أمير المؤمنين(عليه السلام) وخلوت به وحدثته بما حدثني به محمد بن أبي بكر وبما حدّثني به ابن غنم، قال: «صدق محمد رحمه اللّه، أما انّه شهيد حيّ مرزوق»(12).
عند الله نحتسبه
وفي التاريخ أنه حزن أمير المؤمنين (عليه السلام) عند ما بلغه خبر استشهاد محمد بن أبي بكر، حتى رئي ذلك فيه وتبين في وجهه وقام في الناس خطيباً: «ألا وإن محمد بن أبي بكر قد استشهد رحمه الله فعند الله نحتسبه، أما والله لقد كان ما علمت ينتظر القضاء ويعمل للجزاء ويبغض شكل الفاجر ويحب هين المؤمن»(13).
حزن الإمام (عليه السلام) عليه
وورد أنه: قدم عبد الرحمن بن شبيب وكان عيناً لعلي(عليه السلام) وأخبره أنه لم يخرج من الشام حتى قدمت البشر من قبل عمرو بن العاص يتبع بعضه بعضاً بفتح مصر وقتل محمد بن أبي بكر، وقال: يا أمير المؤمنين ما رأيت يوماً قط سروراً مثل سرور رأيته بالشام حين أتاهم قتل محمد، فقال علي(عليه السلام) : «أما إن حزننا على قتله على قدر سرورهم به لا بل يزيد أضعافا».
فرد (عليه السلام) مالكا من الطريق وحزن على محمد حتى رؤي ذلك فيه وتبين في وجهه، وقام خطيبا فحمد الله وأنثى عليه ثم قال: «ألا وإن مصر قد افتتحها الفجرة أولياء الجور والظلم الذين صدوا عن سبيل الله وبغوا الإسلام عوجاً ألا وإن محمد بن أبي بكر قد استشهد رحمه الله عليه وعند الله نحتسبه، أما والله لقد كان ما علمت ينتظر القضاء ويعمل للجزاء ويبغض شكل الفاجر ويحب سمت المؤمن»(14).
إنه ولدي
وقال المدائني: وقيل لعلي(عليه السلام) لقد جزعت على محمد بن أبي بكر جزعاً شديداً يا أمير المؤمنين؟ فقال: «وما يمنعني أنه كان لي ربيباً وكان لبني أخاً وكنت لـه والداً أعده ولداً»(15).
جزع الأمير (عليه السلام) عليه
وعن عبد الله بن جعفر ذي الجناحين قال: (لما جاء علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) مصاب محمد بن أبي بكر حيث قتله معاوية بن حديج السكوني بمصر جزع عليه جزعا شديدا)(16).
نقصنا حبيباً
وفي (نهج البلاغة) وقال(عليه السلام) لما بلغه قتل محمد بن أبي بكر: «إن حزننا عليه على قدر سرورهم به إلا أنهم نقصوا بغيضاً ونقصنا حبيباً»(17).
الولد الناصح
وفي (نهج البلاغة) أيضاً: ومن كتاب لـه (عليه السلام) إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد بن أبي بكر بمصر: «أما بعد فإن مصر قد افتتحت ومحمد بن أبي بكر رحمه الله قد استشهد فعند الله نحتسبه ولدا ناصحا، وعاملا كادحا، وسيفا قاطعا، وركنا دافعا، وقد كنت حثثت الناس على لحاقه وأمرتهم بغياثه قبل الوقعة ودعوتهم سراً وجهراً وعوداً وبدءً»(18).
رسالة إلى معاوية
وفي (الاحتجاج): كتب محمد بن أبي بكر (رضي الله عنه) إلى معاوية احتجاجا عليه:
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ من محمد بن أبي بكر إلى الباغي معاوية بن صخر، سلام الله أهل طاعة الله ممن هو أهل دين الله وأهل ولاية الله، أما بعد فإن الله بجلاله وسلطانه خلق خلقا بلا عبث منه ولا ضعف به في قوة، ولكنه خلقهم عبيدا فمنهم شقي وسعيد وغوي ورشيد، ثم اختارهم على علم منه واصطفى وانتخب منهم محمدا(صلى الله عليه وآله وسلم)واصطفاه لرسالته وائتمنه على وحيه فدعا إلى سبيل ربه (بِالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ((19)، فكان أول من أجاب وأناب وأسلم وسلّم أخوه وابن عمه علي بن أبي طالب (عليه السلام) فصدقه بالغيب المكتوم وآثره على كل حميم ووقاه كل مكروه وواساه بنفسه في كل خوف، وقد رأيتك تساويه وأنت أنت وهو هو، المبرز السابق في كل خير وأنت اللعين بن اللعين، لم تزل أنت وأبوك تبغيان لدين الله الغوائل وتجتهدان على إطفاء نور الله، تجمعان الجموع على ذلك وتبذلان فيه الأموال وتحالفان عليه القبائل، على ذلك مات أبوك وعليه خلفته أنت فكيف لك الويل تعدل عن علي وهو وارث رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ووصيه وأول الناس لـه اتباعا وآخرهم به عهدا، وأنت عدوه وابن عدوه، فتمتع بباطلك ما استطعت، وتبدد بابن العاص في غوايتك، فكأن أجلك قد انقضى، وكيدك قد وهى، ثم تستبين لمن تكون العاقبة العليا، والسلام على من اتبع الهدى).
فأجابه معاوية: (إلى الزاري على أبيه محمد بن أبي بكر، سلام على أهل طاعة الله، أما بعد فقد أتاني كتابك تذكر فيه ما الله أهله في قدرته وسلطانه مع كلام ألفته ورصفته لرأيك فيه، ذكرت حق علي وقديم سوابقه وقرابته من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ونصرته ومواساته إياه في كل خوف وهول، وتفضيلك عليا وعيبك لي بفضل غيرك لا بفضلك، فالحمد لله الذي صرف ذلك عنك وجعله لغيرك، فقد كنا وأبوك معنا في زمان نبينا محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)نرى حق علي لازما لنا وسبقه مبرزا علينا، فلما اختار الله لنبيه(صلى الله عليه وآله وسلم)ما عنده وأتم لـه ما وعده وقبضه إليه(صلى الله عليه وآله وسلم)فكان أبوك وفاروقه أول من ابتزه حقه وخالفه على ذلك اتفقا ثم دعواه إلى أنفسهما فأبطأ عليهما فهما به الهموم وأرادا به العظيم فبايع وسلم لأمرهما لا يشركانه في أمرهما ولا يطلعانه على سرهما حتى قضى الله من أمرهما ما قضى، ثم قام بعدهما ثالثهما يهدي بهديهما ويسير بسيرتهما فعبته أنت وأصحابك حتى طمع فيه الأقاصي من أهل المعاصي حتى بلغتما منه مناكم، وكان أبوك مهد مهاده، فإن يكن ما نحن فيه صوابا فأبوك أوله، وإن يكن جورا فأبوك سنه ونحن شركاؤه وبهديه اقتدينا، ولولا ما سبقنا إليه أبوك ما خالفنا عليا ولسلمنا له، ولكنا رأينا أباك فعل ذلك فأخذنا بمثاله، فعب أباك أو دعه، والسلام على من تاب وأناب)(20).
نجابته من أمه
وعن حمزة بن محمد الطيار قال:
ذكرنا محمد بن أبي بكر عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «رحمه الله وصلى عليه، قال لأمير المؤمنين (عليه السلام) يوما من الأيام: ابسط يدك أبايعك، فقال: أوما فعلت؟ قال: بلى، فبسط يده، فقال: أشهد أنك إمام مفترض طاعتك وأن أبي في النار، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): كان النجابة من قبل أمه أسماء بنت عميس رحمة الله عليها لا من قبل أبيه»(21).
هكذا بايع
وعن زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام): «أن محمد بن أبي بكر بايع عليا (عليه السلام) على البراءة من الأول»(22).
وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «بايع محمد بن أبي بكر على البراءة من الثاني»(23).
الأصحاب الأصفياء
كما ورد أن «من أصفياء أصحابه ـ أي أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ـ عمرو بن الحمق الخزاعي عربي وميثم التّمار وهو ميثم بن يحيى مولى ورشيد الهجري وحبيب بن مظهّر الأسدي ومحمد بن أبي بكر»(24).
لا يرضى بمعصية الله
وعن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «كان عمّار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر لايرضيان أن يعصى اللّه عزّ وجلّ»(25).
المحامدة
وعن أبي الحسن الرّضا (عليه السلام) قال: «كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: إنّ المحامدة تأبى أن يعصى عزّوجلّ، قلت: ومن المحامدة؟ قال: محمد بن جعفر، ومحمد بن أبي بكر ، ومحمد بن أبي حذيفة، ومحمد بن أمير المؤمنين ابن الحنفيّة ـ رحمهم اللّه ـ أمّا محمد بن أبي حذيفة فهو ابن عتبة بن ربيعة، وهو ابن خال معاوية»(26).
وفي يوم الجمل
وفي التاريخ أنه: سلّم محمد بن أبي بكر يوم الجمل على عائشة ـ أخته ـ فلم تكلمه، فقال: أسألك بالله الذي لا إله إلا هو، ألا سمعتك تقولين: الزم علي بن أبي طالب، فإني سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يقول: «الحق مع علي وعلي مع الحق لا يفترقان حتى يردا علي الحوض»؟
قالت: بلى قد سمعت ذلك منه(صلى الله عليه وآله وسلم)(27).
يحدث بفضائل فاطمة (عليها السلام)
وروي: أن محمد بن أبي بكر قرأ (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ( الآية(28)، قلت: وهل تحدث الملائكة إلا الأنبياء؟ قال: مريم ولم تكن نبية وكانت محدثة، وسارة وقد عاينت الملائكة وبشروها بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، ولم تكن نبية، وفاطمة بنت محمد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)كانت محدثة، ولم تكن نبية»(29).
أسماء بنت عميس
وأم محمد بن أبي بكر هي السيدة الجليلة أسماء بنت عميس كانت تحت جعفر بن أبي طالب وهاجرت معه إلى الحبشة فولدت لـه هناك عبد الله بن جعفر الجواد ثم قتل عنها يوم مؤتة، فخلف عليها أبو بكر فأولدها محمداً ثم مات عنها، فخلف عليها علي بن أبي طالب (عليه السلام) وكان محمد ربيبه وخريجه، وجاريا عنده مجرى أولاده، ورضيع الولاء والتشيع مذ زمن الصبا، فنشأ عليه، فلم يمكن يعرف أباً غير علي (عليه السلام) ولا يعتقد لأحد فضيلة غيره، حتى قال(عليه السلام): «محمد ابني من صلب أبي بكر»، وكان يكنى أبا القاسم، وقيل: أبا عبد الرحمن، وكان من نساك قريش، وكان ممن أعان في يوم الدار، واختلف هل باشر قتل عثمان أو لا، ومن ولد محمد: القاسم بن محمد بن أبي بكر فقيه أهل الحجاز وفاضلها، ومن ولد القاسم: عبد الرحمن من فضلاء قريش ويكنى أبا محمد، ومن ولد القاسم أيضا: أم فروة تزوجها الإمام الباقر أبو جعفر محمد بن علي صلوات الله عليهما(30).
إنهما ابنا خالة
وفي بعض التواريخ: (إن حريثا بعث إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ببنتي يزدجرد فأعطى واحدة لابنه الحسين (عليه السلام) فأولدها علي بن الحسين (عليه السلام) وأعطى الأخرى محمد بن أبي بكر فأولدها القاسم بن محمد فهما ابنا خالة)(31).
أختها
ولاُمّ فروة اُخت تعرف باُمّ حكيمة، كانت زوجة اسحاق العريضي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، ولدت لـه القاسم، وهو رجل جليل، كان أميراً على اليمن، وهو أبو داود بن القاسم المعروف بأبي هاشم الجعفري البغدادي، العالم الورع، الثقة الجليل، الذي أدرك الرضا وبقية الأئمة (عليهم السلام)، وكان من وكلاء الناحية المقدّسة، وكان عالي النسب، فإنه ينتهي إلى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (عليه السلام).
فقهها
روى الكليني في الكافي بسنده عن عبد الأعلى قال: رأيت اُمّ فروة تطوف بالكعبة عليها كساء متنكّرة، فاستلمت الحجر بيدها اليسرى، فقال لها رجل ممّن يطوف: يا أمة الله أخطأت السُنّة.
فقالت: إنّا لأغنياء عن علمك(32).
وعن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا دخلت الحرم فتناول من الإذخر فامضغه» وكان يأمر أم فروة بذلك(33).
رواياتها
وقد روت هذه السيدة الجليلة عن أهل البيت (عليهم السلام)روايات عديدة، منها ما روته عن الإمام السجّاد (عليه السلام) حيث قال لها:
«يا اُمّ فروة إني لأدعو الله(34) لمذنبي شيعتنا في اليوم والليلة ألف مرة، لأنّا نحن فيما ينوبنا من الرزايا نصبر على ما نعلم من الثواب، وهم يصبرون على ما لا يعلمون»(35).
رعايتها
كان الإمام الصادق (عليه السلام) يهتم برعاية زوجته أم فروة، وقد اشترى لها خادمة لكي تعينها في أمور البيت.
قال أبو عبد الله (عليه السلام) لإسماعيل حبيبه وحارث البصري: «اطلبوا لي جارية من هذا الذي تسمونها كدبانوجة(36) مسلمة تكون مع أم فروة».
فدلوه على جارية كانت لشريك لأبي من السراجين فولدت لـه بنتا ومات ولدها، فأخبروه بخبرها فاشتروها وحملوها إليه، وكان اسمها رسالة فحول اسمها فسماها سلمى وزوجها سالم فهي أم حسين بن سالم.
وفي بعض الروايات أن مولاتها كانت (سعيدة).
في التهذيب عن الحسين بن مسلم قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ جاءه محمد بن عبد السلام، فقال له: جعلت فداك يقول لك جدي: إن رجلاً ضرب بقرة بفأس فسقطت ثم ذبحها؟
فلم يرسل معه بالجواب، ودعا سعيدة مولاة أم فروة فقال لها: «إن محمد جاءني برسالة منك، فكرهت أن أرسل إليك بالجواب معه، فإن كان الرجل الذي ذبح البقرة حين ذبح خرج الدم معتدلاً فكلوا وأطعموا، وإن كان خرج خروجاً متثاقلاً فلا تقربوه»(37).
dr. Sajid Sharif Atiya سجاد الشمري
(1) الكافي: ج1 ص473 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمّد (عليه السلام) ح1.
(2) الكافي: ج3 ص217 باب ما يجب على الجيران لأهل المصيبة واتخاذ المأتم ح5.
(3) بحار الأنوار: ج29 ص651.
(4) الكافي: ج1 ص473 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمّد (عليه السلام) ح1.
(5) نهج البلاغة، الرسائل: 34، ومن كتاب لـه (عليه السلام) إلى محمد بن أبي بكر. وانظر بحار الأنوار: ج33 ص540 ب30 ح720.
(6) أي والدة محمد بن أبي بكر.
(7) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج6 ص91-92 ولاية محمد بن أبي بكر على مصر.
(8) انظر تهذيب الأحكام: ج10 ص232 ب18 ح49.
(9) انظر تهذيب الأحكام: ج10 ص232 ب18 ح49.
(10) بحار الأنوار: ج22 ص330 ب10 ح39.
(11) بحار الأنوار: ج22 ص342 ب10 ضمن ح52.
(12) الإرشاد: ج2 ص393 خبر وفاة أبي بكر ومعاذ بن جبل.
(13) الغارات: ج1 ص195، ورود قتل محمد بن أبي بكر على علي (عليه السلام).
(14) بحار الأنوار: ج33 ص563 ب30.
(15) بحار الأنوار: ج33 ص566 ب30 ضمن ح722.
(16) بحار الأنوار: ج33 ص589 ب30 ضمن ح734.
(17) نهج البلاغة، قصار الحكم: ح325.
(18) نهج البلاغة، الكتب: 35.
(19) سورة النحل: 125.
(20) بحار الأنوار: ج33 ص589 ب30 ح723.
(21) بحار الأنوار: ج33 ص584 ب30 ح727.
(22) انظر الاختصاص: ص70 محمد بن أبي بكر.
(23) بحار الأنوار: ج33 ص585 ب30 ح731.
(24) راجع بحار الأنوار: ج34 ص271 ب34.
(25) رجال الكشي: ج1 ص63 محمد بن أبي بكر ح112.
(26) راجع بحار الأنوار: ج33 ص271 ب20 ح520.
(27) المناقب: ج3 ص62 فصل في أنه (عليه السلام) مع الحق والحق معه.
(28) سورة الحج: 52.
(29) راجع بحار الأنوار: ج43 ص55 ب3 ح48.
(30) انظر بحار الأنوار: ج42 ص162 ب124 ضمن ح33.
(31) بحار الأنوار: ج45 ص330 ب48 ضمن ح3.
(32) الكافي: ج4 ص428 باب نوادر الطواف ح6.
(33) الكافي: ج4 ص398 باب دخول الحرم ح3.
(34) أي استغفر.
(35) الكافي: ج1 ص473 باب مولد أبي عبدالله جعفر بن محمّد (عليه السلام) ح1.
(36) كدبانوجة: معربة (كدبانو) أي المرأة التي تدير البيت وتقوم بشوؤنها من الطبخ وما أشبه.
(37) تهذيب الأحكام: ج9 ص56 ب1 ح236.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق