بسم الله الرحمن الرحيم
ذروة سنام الدين الصدق وصحة اليقين إكراماً او إهانة للظالم
ذروة سنام الدين الصدق وصحة اليقين إكراماً او إهانة للظالم
الحمد لله الذي جعل الجهاد في سبيله ذروة سنام الدين، والصدع بالحق واجباً أساسياً على المسلمين، والتضحية بالنفس والمال دليل الصدق وصحة اليقين، وجعل الشهادة إكراماً للشهيد وإهانة للظالم، والذي أنزل القرآن الكريم والسنة النبوية ميزاناً للحق والدليل القويم، والذي أمرنا أن ننزل الناس منازلهم مع التواصي بالحق والتواصي بالصبر.
والصلاة والسلام على إمام المجاهدين وقائد الغر المحجلين، والذي كان لأمته الأسوة الحسنة والقدوة المباركة وعلى آل بيته الصالحين الأطهار وأصحابه البررة الأخيار من الذين ضربوا أروع الأمثلة في اليقين والصدق والتضحية والبذل والاستشهاد.
أما بعد،
إن الإيمان بالحق، والولاء المطلق للحق، والعيش بصدق للحق والتضحية في سبيله بكل ما للكلمة من معنى، صفات مميزة ومبادئ عليا، تجعل للحياة قيمة، هذه القيمة التي يندر أن تكون إلا للقلة من العظماء والأبطال.
وهذه القضية، أي قضية الإيمان بالحق وبذل النفس له، ليست مسألة هامشية في مسيرة الحياة، يمكن لنا أن نتجاوز منطلقها ونتائجها ببساطة، بل هي من أهم مرتكزات الحياة الجادَّة، وضوابط العيش الكريم ومعالم الطريق الصحيح للإيمان، هي في الحقيقة كالشمس للدنيا وكالعافية للناس.
للمبادئ في الحياة رجال لا كالرجال، وأبطال لا كالأبطال لا يمكن أن تتحقق إلا من خلالهم.
والرجال والأبطال العظماء حقاً، لا يمكن أن تتجه رؤاهم إلا للمبادئ والحق. وإن هؤلاء الرجال والأبطال ما كانوا ليبرز دورهم الرائد إلا برعاية إلهية وتربية أخلاقية رفيعة مميزة وإيمان عميق، وطباع لا تعمل إلا للأريحية والنخوة، فكان لهم من الطبيعي تلك الممارسات المميزة، والتأثيرات العظيمة، والقدرات الواسعة على التحويل التاريخي.
إذن ما يميز الرجال والأبطال الأفذاذ هو ذلك الإيمان والطبع والمزاج والأصالة التي خصهم الله تعالى بها، فكان هذا مقياس التفرد والقدرة والإبداع عند هؤلاء الأفراد المعدودين التي لا تدوم مسيرة الحياة إلا بإنجازاتهم وتضحياتهم، وتبقى آثارهم على مدى الزمن وطول الحياة.
من هؤلاء الأفذاذ النادرين الذين ارتبطت أرواحهم وأشواقهم بالحق كان الإمام الحسين بن علي، عليهما السلام.
أيها الأخوة والأخوات،
نلتقي اليوم في ذكرى حادثة كبرى من حوادث التاريخ، وتعتلج في نفوسنا عواطف وأشواق وآلام وآمال، تتركنا ولا شك حيارى حزانى، لولا أن تتداركنا نعمة الله تعالى الذي أرسل نبيه عليه الصلاة والسلام بالحق قائلاً: لقد تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
فنتوقف لنرى في هذه الذكرى أكثر من نكبة وأوسع من مأساة وفاجعة، نرى فيها مناسبة لإقامة الحق، ومعلماً للتضحية في سبيله.
نرى في الذكرى جلال الإيمان تجاه استمراء النفاق، ونرى فيها إعلان الحق تجاه الصمت والسكوت، نرى الشجاعة الفائقة للعدد القليل تجاه من يفوقهم عدداً وعدة، نرى فيها التضحية لكل شيء في سبيل رب لكل شيء.
عندما نتكلم في هذه الذكرى عن الإمام الحسين عليه السلام، فإننا نقف بإجلال أمام ذلك البطل العملاق الذي يصعب التعبير عن عظمته مهما أوتينا بلاغة التعبير، ونعجز عن إيفاء حقه بالحديث عن تضحيته مهما كانت قدراتنا اللغوية، ونتوهم كثيراً لو ظننا، أننا بكلمة أو خطبة أو محاضرة يمكن أن نحسن التعبير عن شخصه وآثره.
ولكننا نعزي أنفسنا في هذه المناسبة بأننا نتكلم عن بطل من أبطال الإسلام، عن الشهيد ابن الشهيد، عن صاحب الخصائص والفضائل العظمى التي أحاطه الله بها، فكانت له تلك المكانة السامقة في تاريخنا ونفوسنا، وفي تقديرنا واحترامنا، لا يبلغها أحد بالهين إلا من كان على شاكلة هذا الرجل، وهم أقل من القليل.
وإذا جازلنا أن نضيف على ما قيل، أو نركز على ناحية أكثر من غيرها، فإننا نسمح لأنفسنا القول: إن الحسين بن علي عليهما السلام كان ذلك الشخص صاحب المزية الكبرى، مزية في أصله ومنبته، وفي طفولته ونشأته، وفي صباه وشيخوخته، بل كان مميزاً في استشهاده... لقد كان عليه السلام شيئاً آخراً، مسلماً آخراً، وكان بالتالي شهيداً آخراً، لذلك صعب على الكثيرين أن يفهموه، أو أن يستوعبوا حركته وأهدافه، لأنهم كانوا أصغر منه وأقل شأناً، وإلا فكيف للصغير أن يفهم الكبير، وأنى للجزء أن يحتوي الكل.
وكلامنا عن تميز شخصية الإمام أبي الشهداء، لا نقوله مبالغة أو انفعالاً، ولا نزعمه حباً أو امتناناً، ذلك أن ما نعبر عنه كان أمراً واقعاً، وحقيقة ماثلة، ونموذجاً حياً كضوء الشمس، لا يخفى إلا على من فقد نعمة البصر والبصيرة.
التميز في الأصل والمنبت
إن تميز الإمام الحسين في أصله ومنبته هو حيث لا يماثله أحد في الدين والشرف والنسب والفضائل، وإذا تجاوزنا مسألة النسب التي تتصل إلى ما قبل الإسلام ببني هاشم الذين كان لهم منذ الجاهلية تلك الأخلاق والرئاسات الدينية ما ميزهم بكثير من الممارسات عن بقية بطون قريش، وإذا تجاوزنا ذلك فنقول إنه يكفيه فخراً وعزاً وشرفاً أنه كان حفيداً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وابن ابنته فاطمة الزهراء السيدة الطاهرة، سيدة نساء أهل الجنة وأحب الناس إلى رسول الله، بضعته الطاهرة، التي يؤذيه ما يؤذيها ويريبه ما يريبها، وأبوه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أول من أسلم وأحد المبشرين بالجنة من يحبه الله ورسوله، وحيث لا يمكن للكلام أن يحيط بهذه المكانة والكرامة وهو كما قيل (والغصن من حيث ينبت).
التميز في الطفولة والنشأة
أما التميز في الطفولة، فهو من سمَّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن قبله أخاه، فقد روي عن الإمام علي كرم الله وجهه: لما ولد الحسن سميته حرباً، فجاء رسول الله فقال: أروني ابني، ما سميتموه؟ قلت: حرب، فقال: بل هو حسن، فلما ولد الحسين سميته حرباً فجاء رسول الله فقال: أروني ابني ما سميتموه؟ قلت: حرب، فقال بل هو حسين.
فقد أفاض رسول الله عليه الصلاة والسلام على الإمام من محبته وحنانه وعطفه الشيء الكثير، فقد عق عنه مع أخيه، وحنكهما بيده الشريفة، وكان لا يحب أن يستمع إلى بكاء منهما في طفولتهما، على كثرة ما يبكي الأطفال الصغار، فمر يوماً على بيت فاطمة فسمع حسيناً يبكي، فقال لها: ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني.
وكان يقول لها: ادعي إليَّ ابني، فيشمهما ويضمهما إليه ولا يبرح حتى يضحكهما ويتركهما ضاحكين، وكان يقول: إن الحسن والحسين هما ريحانتاي من الدنيا.
كما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصرهما مرة فقال:{اللهم إني أحبهما فأحبهما}، وعندما حاول البعض أن يبعدهما عنه صلى الله عليه وسلم عندما كانا يثبا على ظهره قال: دعوهما بأبي هما وأمي من أحبني فليحب هذين، وفي رواية من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني.
وقال: {حسينٌ مني وأنا من حسين، أحب اللهُ من أحب حسيناً، حسين سبط من الأسباط}.
وروى أنه بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذ جاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل عليه الصلاة والسلام من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه وقال: نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما.
وتكرر أمثال هذه الروايات التي تظهر تلك العلاقة الخاصة والمحبة الجمة التي كانت من رسول الله للإمام وأخيه، ولعمري فأي منحة هذه أن تتساوى محبة إنسان مع محبة أشرف خلق الله وخاتم رسل الله.
التميز في الصبا والشباب
لقد أتاحت له نشأته في جو الدين والعلم أن يتعلم خير ما يتعلم أبناء زمانه من فنون العلم والأدب والفروسية مع تمكّن من الفقه واللغة، ونسبت إليه أقوال في التصوف والحكمة. كما أوتي ملكة الخطابة من طلاقة لسان وحسن بيان وغنة صوت وجمال إيماء، ومن كلامه المرتجل ما قاله في توديع أبي ذر {يا عماه إن الله قادر أن يغير ما قد ترى، والهو كل يوم في شأن، وقد منعك القوم دنياهم ومنعتهم دينك، وما أغناك عما منعوك وما أحوجهم إلى ما منعتهم، فاسأل الله الصبر والنصر، واستعذ به من الجشع والجزع، فإن الصبر من الدين والكرم، وإن الجشع لا يقدم رزقاً والجزع لا يؤخر آجلاً}.
وتواترت الروايات بقوله الشعر في أغراض الحكمة ومناسبات خاصة. هذا كله أضاف إلى ما لديه رفعه ومكانة، وهو الذي استأهل أن يقول عنه صلى الله عليه وسلم مع أخيه: أنهما سيدا شباب أهل الجنة.
وأما في الشجاعة فهو صاحب الميدان المجلَّى، وهي فضيلة ورثها بالدم عن الآباء وأورثها أبناءه، وقد شهد الحروب في أفريقية الشمالية وطبرستان والقسطنطينية، وحضر مع أبيه وقائعه كلها، وليس في بني الإنسان من هو أشجع قلباً ممن أقدم على أقدم عليه الإمام في يوم كربلاء.
كما كان له تقدم في فنون الفروسية كركوب الخيل والمصارعة والعدو، ولم تفته ألعاب الرياضة التي تتم بها مرانة الجسم على الحركة والنشاط، ومنها لعبة المداحي، وهي لعبة تشبه اليوم ما يسمى بالغولف.
هذا كله إلى جانب لطف الحس وجمال الذوق والقصد في تناول كل مباح، فقد كان يحب الطيب والبخور، ويأنق للزهر والريحان مع أريحية وكرم، فقد دخلت عليه جارية تحمل إليه ريحان فحيته بها، فقال لها: أنت حرة لوجه الله تعالى، فسئل: جارية تجيئك بطاقة ريحان فتعتقها، فقال: كذا أدبنا ربنا، فقال: وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها، وكان أحسن منها عتقها.
التميز في الخلق والدين
إن تميز الإمام في هذا المجال بلغ قمة لا تكون إلا للخاصة من الناس مما يليق بالبيت الذي نشأ فيه ورعى حقه وأوجب على الناس توقيره. لقد كان الإمام على فضله وذكائه كان يستمع إلى أخيه الحسن في رأيه ولا يسوءه بالمراجعة أو المخالفة.
ولم يذكر عنه أنه كان يواجه الناس بتخطئة وهو يعلمهم ويبصرهم بشؤون دينهم، فمن آدابه وأخيه أنهما رأيا أعرابياً يخطئ في الوضوء فلم يشاءا أن يثبتا له خطأه بل قالا له: {نحن شابان وأنت شيخ، وربما تكون أعلم بأمر الوضوء والصلاة منا فنتوضأ ونصلي عندك فإن كان عندنا قصور تعلمنا} فتنبه الشيخ إلى غلطه دون أن يتأذى من الملاحظة.
ومر الإمام يوماً بمساكين يأكلون في الصفة، فقالوا: الغداء، فنزل وقال: إن الله لا يحب المكبرين فتغدى ثم قال لهم: قد أجبتكم فأجيبوني، ثم مضى بهم إلى منزله ليطعمهم.
التميز في مرحلة الشيخوخة
وتتابعت تلك الصفات المميزة في شيخوخته، حيث تأصلت فيه وتعمقت صفات الإيمان والعلم مما جعله مقصداً لطلاب العلم الذين كانوا يأتونه للنهل من علمه وحكمته، تلك الحكمة وحسن التصرف التي اشتهرت عنه ما جعل الفتن تبعد لفترة من الزمن عن حياة المسلمين بفضل مواقفه وهو الذي قيل عنه: {والله لا أرى فيه للعيب موضعاً}.
التميز في الشهادة
إن استشهاد الإمام الحسين كانت نتيجة حتمية لحركة نادرة من حركات التاريخ، التي تميزت بأنها حركة نادرة لا يمكن أن تتكرر، حركة تحتاج إلى من كان على شاكلة الإما ، تلك الحركة التي لم تكن مغامرة سياسية، ولا صفقة تجارية، ولا وسيلة لنيل الدنيا، بل كانت إرادة للحق بالموت أو بالحياة، سيان، هي حركة لا تقاس إلا بمقياسها العجيب، حيث لا يُنظر إلى نتيجتها من حيث النصر والهزيمة، فهنا يفاجئنا التاريخ بميزان دقيق {وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان} وقد قضى بأن الفائز في الحقيقة كان مهزوماً يوم القتال، وأن الخاسر الحقيقي كان الذي ادعى النصر، وتلك عجيبة من عجائب الدهر.
ولكن إن نظرنا إلى تلك القضية ومن هو بطلها، يزول ذلك العجب لأنها كانت من فعل الإمام الحسين وهو من هو في دينه ومواقفه وصبره وجرأته وثباته في وقت اختلطت فيه الأمور وعمت الفتن واضطربت الأحوال، في تلك الأوقات التي تحتاج فيها البشرية إلى:
- رؤية نافذة تدرك الأبعاد.
- إلى يد ثابتة تحدد الخطأ وتشير إلى الصواب.
- إلى بطل يقتحم الصعاب ولا يهاب الموت.
- إلى هاتف بالحق لا يخاف في الله لومة لائم.
- وكل ذلك لا يتوفر إلا في تلك الشخصية الفذة: الحسين بن علي.
هنا حدثت معجزة النبي صلى الله عليه وسلم التي تنبأ فيها بقتل الحسين، فقد روى بالسند الصحيح عن الإمام علي أنه دخل ذات يوم على النبي صلى الله عليه وسلم وعيناه تفيضان، قلت: يا نبي الله أغضبك أحد؟ ما شأن عيناك تفيضان؟ قال: بل قام من عندي جبريل قبل فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات...}.
كما تتجلى ولاية الإمام، والله تعالى يقول: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون}.
روت امرأة أنصارية أنها دخلت على زوج النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة فرأتها تبكي، قلت: ما يبكيك، قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وعلى رأسه ولحيته التراب، فقلت: ما لك يا رسول الله، قال/ شهدت قتل الحسين آنفاً}.
وقال ابن سيرين: لم تبك السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا إلا على الحسين بن علي.
لقد تمثلت ولايته برغم كل هذا الحزن وبرغم أن الحادثة كانت وقتها نكبة ولكن تحولت إلى انتصار في رؤيته وفكره، في ثباته وقوته، في تقدير الناس له.
أما الذين انتصروا في المعركة من أعدائه الذين دعا عليهم وهو صامد وحده وسط سيوفهم {إن لأرجو الله أن يكرمني بهوانكم}، فقد حدث هذا الهوان لهم حقاً فكان أن جميع الذين اشتركوا في قتله وقتاله لقوا حتفهم على أبشع الصور وأشدها مذلة وهواناً فارين هاربين، ليس فيهم من مات ميتة رجل.
ويهمني في هذه المناسبة أن أشير إلى أن الأمة بأجمعها تقدر الإمام الحسين بن علي وترى فيه ذلك البطل المقدام والشهيد المكرم، وربما ظن البعض أن أهل السنة والجماعة بعيدون عن هذه القضية لا يلتفتون إليها، وهذا محض افتراء ونأي عن الحقيقة.
فإننا لا نجد عالماً من علماء السنة إلا وكان أهل البيت عنده ذوو المكانة، أصحاب التأسي والقدرة.
فها هو الإمام البخاري خصص في صحيحه قسماً كبيراً لمناقب آل البيت وأورد الأحاديث الصحاح في منزلتهم.
وكذا فعل الإمام مسلم في كتاب الفضائل في صحيحه، والإمام أبو عيسى الترمذي من أكثر أصحاب الكتب الستة إيراداً لمناقب آل البيت، ثم الإمام أبو داود السجستاني وابن ماجة والنسائي.
وما يقال عن المحدثين يقال في المفسرين والفقهاء والمتكلمين والأصوليين وغيرهم من المتقدمين والمتأخرين، فكتبهم تمتلئ بذكر فضائل آل البيت والأمر بمحبتهم واحترامهم، مما يصعب علينا في هذه العجالة أن نورده أو نحصيه.
بل حتى شيخ الإسلام ابن تيمية الذي أساء البعض الظن به فقد قال في مجموع فتاواه: والحسين رضي الله عنه أكرمه الله تعالى بالشهادة في هذا اليوم وأهان بذلك من قتله أو أعان على قتله أو رضي بقتله وله أسوة حسنة بمن سبقه من الشهداء فإنه وأخوه سيدا شباب أهل الجنة، وكانا قد تربيا في عز الإسلام لم ينالا من الهجرة والجهاد والصبر على الأذى ما ناله أهل بيته فأكرمهما الله بالشهادة تكميلاً لكرامتهما ورفعاً لدرجاتهما وقتله مصيبة عظيمة...}
وبعد،
فيا أيها الشهيد ابن الشهيد
قدرك أن تكون جزءاً هاماً من حياة هذه الأمة،
وقدر هذه الأمة أن يكون تاريخها مليء بالنكبات والمصائب.
هذه المصائب ما زالت منذ أيام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث بقينا نعيش بالحد الأدنى من الأمن والراحة والاطمئنان، فأي عذاب عاشه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهله وصحبه منذ بدء الدعوة في مكة واضطرارهم إلى الهجرة مرتين إلى الحبشة وثالثة إلى طيبة الطيبة.
ويظهر أننا أمة الحزن فرؤوس الأمة قد اغتيلوا على يد الغدر والعدوان، ولكن ما يعزينا أن الإسلام بقي وانتشر الإيمان في الآفاق ودخل الناس في دين الله أفواجاً.
ثم حدثت نكبة كربلاء وكانت من الفواجع الكبرى بطريقة القتل وعدد المقتولين وبشخصياتهم وبما تركت من أثر.
وقدر الله أن تبقى الدعوة الإسلامية وأن تتابع الفتوحات ووصلت إلى أقاصي الأرض، وجاهد في سبيل الله الآلاف واستشهد الآلاف وبقي الإسلام، وهو الأهم الذي عمل الجميع وفيهم الحسين على أن يحافظوا عليه بأنفسهم وما يملكون.
فهل قدر الأمة أن يكون رجالها وأبطالها هم وقود حياتها وحيويتها وذخيرة وجودها واستمرارها.
أيها الشهيد
الأمة اليوم هي بأمس الحاجة إلى استلهام إيمانك وفكرك وثباتك وشهادتك ورجولتك وهي تواجه العدوان الأقوى من الدول القوية. تقف اليوم نفس الموقف الذي وقفته أنت، شر طاغ غير محدود أمام فرقة وتشتت عميق.
نحتاج إلى الإقتداء بك وبالمجاهدين أمثالك، ساعتئذ نستأهل النصر.
الله يسر لنا الالتزام بسلفنا الصالح ومنهم الحسين بن علي وارض عنه وعنا وثبتنا على دينك ورسالتك لنفوز في الدارين.
dr. Sajid Sharif Atiya سجاد الشمري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق