قائمة المدونات التي اتابعها

الجمعة، 15 فبراير 2013

مصادر حديث آيات الإفك في سورة النور وسورة النصر نزلت في سنة ثمان


بسم الله الرحمن الرحيم

حديث الإفك والمفارقات التاريخية

متى نزلت آيات الإفك
لقد وردت آيات الإفك في سورة النور. والظاهر أن سورة النور قد ابتدأ نزولها في السنة الثامنة على وجه التقريب، لأنها نزلت بعد سورة النصر
[الاتقان ص 11 ج1، فتح الباري ج9 ص37] 

وسورة النصر نزلت في سنة ثمان، فقد ورد: أن النبي عاش بعدها سنتين فقط .
[الكشاف ج4 ص812] 

وبعد الأحزاب، التي ابتدأ نزولها في سنة خمس وبينها وبين سورة النور حسب رواية ابن عباس عدة سور: فالأحزاب ثم الممتحنة، ثم النساء، ثم إذا زلزلت، ثم الحديد، ثم الرعد، ثم الرحمن، ثم الإنسان، ثم الطلاق، ثم لم يكن، ثم الحشر، ثم إذا جاء نصر الله، ثم النور.
[الاتقان ج1 ص11] 

وفي هذه السور شواهد كثيرة على نزول عدد منها بعد سنة ست. فإذا أضفنا إلى ذلك، أن البعض يرى أن ترتيب القرآن هو نفس الترتيب الذي في اللوح المحفوظ، بلا تصرف ولا تغيير، ومالك يقول إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعون من النبي صلى الله عليه وآله وكذا البغوي أنهم كتبوا القرآن كما سمعوه من النبي صلى الله عليه وآله من غير أن قدموا شيئا أو أخروا .
[الاتقان ج1 ص61] 

وأضفنا إلى ذلك: أنه قد ذكر في أولها ما يدل على أنها نزلت جملة واحدة، حيث قال تعالى سورة أنزلناها وفرضناها وأضفنا إليه أن الصحابة ما كانوا يعرفون انتهاء السورة، وابتداء غيرها إلا بعد نزول البسملة. 

[راجع مقالة العلامة السيد أبو الفضل مير محمدي، في مجلة الهادي سنة 5 عدد 2، وفتح الباري ج9 ص39، كما أخرجه أبو داوود، وصححه ابن حبان، والحاكم]
فإننا سوف نطمئن بعد - كل ذلك - إلى أن آيات الإفك قد تأخر نزولها إلى سنة ثمان، من دون أي تصرف في الآيات أصلا متى كان فرض الحجاب

- الأول :

تذكر قضية الإفك: أن الإفك قد كان بعد فرض الحجاب، مع أن آيات الحجاب قد وردت في سورة النور، وسورة النور قد نزلت بعد سنة ست كما تقدم.

- الثاني : 

إن الظاهر من قوله تعالى في أول سورة النور سورة أنزلناها وفرضناها
أن السورة قد نزلت كلها دفعة واحدة. وكذلك سائر الشواهد المتقدمة التي تدل على ذلك. 

وهذا معناه أن آيات الحجاب قد نزلت مع آيات الإفك في سورة واحدة، دفعة واحدة، فكيف يكون الحجاب قد فرض قبل ذلك! فما في روايات الإفك من افتراض الحجاب ووجوبه قبل نزول سورة النور مما لايجتمعان 

- الثالث : 

لقد ذكر في روايات الإفك: أن الإفك كان بعد فرض الحجاب، ويقولون إنه إنما فرض حينما تزوج صلى الله عليه وآله وسلم بزينب بنت جحش، حيث بقي الرجال جالسين، حتى تضايق النبي صلى الله عليه وآله وسلم منهم ففرض الحجاب حينئذ. 

كما أن حمنة - حسب روايات الإفك - قد طفقت تحارب لأختها زينب، لكن الله قد عصم أختها بالورع. 

ولكن ذلك موضع شك كبير، بل منع. فإننا إذا أخذنا بقول من يقول أن الإفك كان سنة أربع أو خمس، فإنما كان في شعبان منها. ولا خلاف عندهم في كون الحجاب قد فرض في ذي القعدة سنة خمس، حسبما تقدم، فهو بعد قضية الإفك بلى ريب. 

بل نجد أن ابن سعد والطبري يطلقان الحكم هنا، ويقولان أن تزوج النبي صلى الله عليه وآله بزينب كان بعد المريسيع.
[طبقات ابن سعد ج8 ص157، تاريخ الطبري ج2 ص414] 

وإن قلنا: أن الإفك كان في السنة السادسة. فبالإضافة إلى حكم الطبري، وابن سعد المتقدم، نجد رواية تقول أن عمرة بنت عبدالرحمن سألت عائشة: متى تزوج الرسول صلى الله عليه وآله زينب بنت جحش؟ قالت: مرجعنا من غزوة المريسيع، أو بعده بقليل. 
[طبقات ابن سعد ج8 ص81]

بل يظهر من عبد الرزاق، بل صريحه : أن النبي صلى الله عليه وآله قد تزوج زينب بعد تزوجه بصفية حيث قال وهو يعدد تزوج النبي صلى الله عليه وآله ثم نكح صفية بنت حيي، وهو مما أفاء الله عليه يوم خيبر، ثم نكح زينب بنت جحش.
[مصنف عبدالرزاق ج7 ص490] 

والحجاب أنما فرض - كما يقولون - في قصة زينب، ففرض الحجاب إذا يكون بعد المريسيع إن حديث الإفك يدل على تقدم زواجه صلى الله عليه وآله بزينب، وفرض الحجاب.
[فتح الباري ج8 ص351] 

إلا بالمصادرة وتحكم بلا دليل. بل إن العكس هو الصحيح؛ لأن حديث الإفك فيه الكثير من الإشكاليات الأساسية الموجبة لضعفه ووهنه؛ فلا يقوى على مقاومة النصوص التاريخية الأخرى، وإلا فلو أردنا أن نصحح حديث الإفك لوجب أن نغير جانبا عظيما من التاريخ، ليوافقه وينسجم معه. من أجل رواية واحدة متناقضة، ضعيفة السند والمتن، وتنتابها العلل من كل جانب ومكان المنبر.

لقد ورد في روايات الإفك أن النبي صلى الله عليه وآله قد صعد المنبر، واستعذر من ابن أبي، وأن الحيين تثاورا، فما زال يخفضهم وهو على المنبر، حتى سكتوا وسكت. 

مع أنهم يذكرون أن المنبر لم يكن قد اتخذ بعد، وإنما اتخذ في السنة الثامنة.
[السيرة الحلبية ج2 ص300 عن كتابي الأصل والنور، وفي فتح الباري ج2 ص330، ووفاء الوفاء ج2 ص397 أن ابن النجار جزم بهذا، وأما ابن سعد فقد جزم بأنه اتخذ في السابعة] 

بل في السنة التاسعة كما يدل عليه ذكر تميم الداري في روايات المنبر، وتميم إنما قدم المدينة سنة تسع. وفيها أيضا ذكر العباس الذي قدم المدينة في آخر سنة ثمان. وذلك لأنهم يقولون: أن تميم الداري هو الذي صنعة.
[الأوائل للعسكري ج1 ص336] 

وفي رواية أنه صلى الله عليه وآله عندما اقترح عليه تميم الداري المنبر، شاور العباس بن عبد المطلب، فقال العباس إن لي غلاما يقال له كلاب، أعمل الناس، فقال: مره أن يعمل .
[الإصابة ج3 ص304]

وفي المبهمات لابن بشكوال قال قرأت بخط بن حبان قال: ذكر عبدالله بن حسين الأندلسي في كتابه في الرجال، عن عمر بن عبد العزيز: أن المنبر عمله صباح مولى العباس.
[الإصابة ج2 ص175] 

وقد حاول البعض توجيه ذلك بأن المقصود أنه وقف على شيء مرتفع من الطين.
[السيرة الحلبية ج ص300، عن صاحب كتاب النور] 

ولكن هذا التوجيه لا يعدو عن أن يكون تخرصا لا مبرر له، ولا سيما بملاحظة أن لفظ المنبر لا يطلق على ذلك لغة، كما هو الظاهر. ويرده أيضا أنه صلى الله عليه وآله كان قبل اتخاذ المنبر يخطب وهو مستند على جذع؛ فلما اتخذ المنبر تحول إليه، فحن الجذع؛ فأتاه فمسح يده عليه، حتى سكن.
[راجع الوفاء لابن الجوزي ج1 ص321-324] 

قال عياض حنين الجذع مشهور منتشر، والخبر به متواتر، أخرجه أهل الصحيح ورواه من الصحابة بضعة عشر.
[راجع وفاء الوفاء ج2 ص394].

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله وصحبه اجمعين .
   dr. Sajid Sharif Atiya  سجاد الشمري 
sajidshamre@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق