قائمة المدونات التي اتابعها

السبت، 9 فبراير 2013

محادثة بين استاذ واحد طلابه حول الشبهة


بسم الله الرحمن الرحيم

محادثة بين استاذ واحد طلابه حول الشبهة الموضوعية والمصداقية

الطالب ....  استاذي بحسب مناط الفرق بين الشبهة الموضوعية والشبهة المصداقية قد ‏يبدو قول السيد الخوئي قدس الله نفسه الزكية في باب الكر يحتاج إلى تأمل، كما ‏قال : (وإذا يحتمل أن يكون البعض في قوله عن (بعض أصحابنا) هو البعض غير ‏الموثق الذي روى عنه ابن أبي عمير في موضع آخر مسندا، ومع الشبهة في المصداق ‏لا يبقى مجال للاعتماد على مراسيله.). [التنقيح في شرح العروة الوثقى -كتاب ‏الطهارة - للسيد الخوئي : 1 : 189 ]
الطالب .... فإن الشبهة هنا موضوعية كما يبدو من التطبيق ، فتكون مما أجمع فيه الأخباريون ‏والأصوليون على عدم وجوب التفحص في هذا المورد .‏
الطالب ...  فكيف اعتبرها السيد الخوئي من الشبهة المصداقية وحكم بعدم الاعتماد؟ ‏
مع أن موضوعها ليس الشك في الدلالة في الذهن وليس الإجمال في المصداق مع ‏وضوح المخصص (لفظيا كان أو لبّيا غير ضروري وغير كاشف عن التقييد)، ليمنع ‏التمسك بالعام في شبهة المصداق، وإنما الشك هنا في حصول متعلق الحكم خارجا ‏الذي هو الفرد المردد بين الثقة وغيره ، فلا ندري هل حصل إتباع الثقة باعتماد ‏رواية هذا المردد أم لا؟ وهو من الشك في صغرى فعلّية الحكم التي هي العمدة في ‏الشبهة الموضوعية.
وهذا من الأصل العملي وحكمه عملي محض ، والموضوع هنا ‏مما لا يستدعي تضييع الحقوق والهرج - بل العكس- حتى يتوقف في الحكم ‏للصيرورة إلى التفحص وعدم الاعتماد بهذا اللحاظ الثانوي. ولا يفوتنا فإن القواعد ‏الجعلية الشرعية قد استوعبت اغلب موارد الشبهة الموضوعية بواقع عدم وجوب ‏التفحص كقاعدة الحل والطهارة والسْوُق (للذكاة والطهارة) وأصالة الفراش وأصالة ‏الحرية وغيرها.
الطالب ... وحتى من قال أن الأصل الأولي هو الفحص، فإنه يستثني ويقول أن ‏هذه القواعد كانت من قبيل استثناء الأكثر فلا بقاء للأصل الأولي، وهذا الادعاء ‏بالأصل الأولي خلاف مؤدى قاعدة قبح العقاب بلا بيان الشاملة للموضوع المؤيدة ‏بقوله تعالى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً } بتقريب نفي التكليف عن ‏المجهول الأصلي الذي لا يتعلق فيه تضييع حق الشارع، بل لعل بقاء حكم الشك في ‏بعض المواضيع المنصوصة كما في الفروج والدماء فإنما هو للنص الحاكم احتياطا ‏للمجتمع من الفساد ، وإلا فالأصل هو عدم التفحص .
وإنما ينبغي التفحص في ‏الشبهة الموضوعية حين يحرز الخروج عن الامتثال ، وهذا له موارد ليس منها هذا ‏المورد، بل العكس هنا حاصل. بتقريب تنجيز العلم الإجمالي فيما هو مطلوب من ‏المكلف من خلال الاعتماد على رواية الفرد المردد ، فإن احتمال الإخلال بالامتثال ‏وارد في ترك رواية المردد خصوصا إذا كانت مقرونة بغيرها. وهذا احتمال معتبر فلا ‏يصح رفع اليد عنه بهذا الاعتبار. ‏
‏ فما قولكم يا سيدي الفصل متعنا الله بعلمكم الوافر وحفظكم الله.‏

الاستاذ ....   يعني السيد الأعظم أن العموم المدلول عليه بقول المشهور: إن ابن أبي عمير لا يروي إلا عن ثقة، وإن كل من يروي الرجل عنه ثقة قد خصص بالجزم بأنه قد روى عن غير الثقة أيضاً، ولا ندري إن من روى عنه في تحديد الكر هو غير الثقة أو شخص آخر من الثقاة فلأجل الجهل بالمروي عنه هنا، لا يتمسك بالعام المذكور، لأن الشبهة حينئذ مصداقية، فلا تثبت صحة الرواية ولكن فيه أن الحكم المنقول عن المشهور وإن ذكر في كلماتهم بصيغة العموم إلا أنه يدور بين كونه استقراء ظنياً وبين كونه قاعدة الغلبة، فعند من ثبت لديه رواية ابن أبي عمير عن غير الثقة تعتبر قاعدة الغلبة إذا الشك في المروي عنه في رواية الكر أنه من الثقاة الغالبين أو من النادر الغير الثقة وعند من لم تثبت رواية الرجل عن غير الثقة يكون استقراء لأجل عدم وجود فرد نادر، إلا أن الأرجح أنه من الاستقراء إذ الظاهر أن التتبع اقتضى أن الرجل لا يرسل إلا عن ثقة فوجود الضعيف في مسنداته لا يضر الحكم المبني على الاستقراء في المراسيل، ثم لا يخفى أن عدم وثاقة بعض من روى عنه الرجل إنما يضره اعتبار روايته توثيقاً للمروي عنه ان علم انه روى عن من اعتقد عدم وثاقته.

والشبهة الموضوعية هي ما كان الشك فيها في انطباق مصب الحكم على ما في الخارج لأجل الأمور الخارجة عن لسان الدليل مع وضوح مفهوم مصب الحكم كالخمر فان المفهوم كالحكم واضح ولكن قد نشك في مائع شخصي لسبب من أسباب انه مصداق للخمر أم لا.
وفيه تجرى البرائه ( البراءة ) حتى لدى الاخباريين سواء كانت تحريمية أم وجوبية.

الاستاذ ...  ياولدي , وإما المقام فالشك فيه ـ حسب رأي السيد ؛؛أبو القاسم(رحمه الله) ـ في أن الذي روى عنه ابن أبي عمير فرد من عنوان المستثنى أو من المستثنى منه. هذا مع قطع النظر عما التزمناه.
مضافاً إلى أن الشك على تقديره في حجية الخير وهو يلازم أو يساوق القطع بعدم حجيته وأما الشك في الحكم المستفاد من الخبر فمترتب على الشك في اعتبار الخبر فلا ينظر فيه إلا بعد الفراغ من إحراز الاعتبار.
ومنه يظهر ابتعاد المقام عن مورد البحث عما يجب فيه الفحص من الشبهات أو لا يجب.

الطالب .....  استاذي الجليل ما هي الضابطة للتفريق بين اعتبار عرف السامع وعرف المتكلم حين ‏الكلام؟ ‏
فهل الأصل تعهد المتكلم بإفهام مطلبه بحسب فهم السامع؟ أم باستخدام المعنى ‏بحسب مصطلحه هو بغض النظر عن السامع؟ ‏
وهل الأصل في الشارع المقدس في مجال البيان الشرعي هو عين الأصل في الخطاب ‏العادي؟ أم أن فيه كلفة زائدة يقتضيها البيان المتوجب على الشارع بحسب ‏المسؤولية. فما هو ؟ وما هو الدليل على كل حكم؟

الاستاذ ...  ياولدي إن الأصل الأول حمل الكلام على ما تعارف أهله عليه لدى المتكلم لأن الالتزام منه به هو مقتضى طبعه المتكون من محيطه لوجوده فيه. ولذا ينبغي تفسير الإقرار بما يقتضيه عرف المقر . هذا في ما لم تقم قرينة على خلافه. وهذا إذا كان للمتكلم عرف كلاميٌ يخصه. وأما إذا لم يكن كذلك كما في كلام الباري جلت عظمته فالمتكلم يراعي في الكلام عرف المخاطب بغيه إفهامه وإقامة الحجة قال الله سبحانه: انا انزلنا قرآنا عربياً لعلكم تعقلون وقال: انا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون . وقال : (انه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون). {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} (44) سورة الزخرف ومعلوم أن الكتب والصحف النازلة على الأمم السالفة بيد المرسلين إليهم كانت بلغتهم.

الطالب ... بقي سؤال واحد وهو العدد إما أن يكون تمام موضوع الحكم أو مأخوذا بشرط لا ، ‏والإطلاق ينفي الجزئية وينفي اعتباره بلا شرط . (وقد يقال لا يمكن اعتباره بلا شرط لأن اعتبار منع الشرط هو إزالة للعدد نفسه باعتباره قيدا للموضوع فكيف يرفع القيد ‏مع بقاءه (بقائه ) قيدا ؟) فتكون الزيادة مخلة بالامتثال فتنفي سنخ الحكم فيثبت ضده ، ‏فكيف يكون العدد لا مفهوم له كما رجحتم في بابه في مرقاة الأصول؟
وللملاحظة ‏فإن التفريق بين مفهوم العدد ومفهوم الوصف هو تفريق لفظي وإلا فكلاهما وصف ‏علّق عليه الحكم، فلو كان العدد مبيّنا لكان من قبيل الوصف المعتمد ولو كان غيرَ ‏مميّز لكان من قبيل الوصف غير المعتمد، ويختلف الحكم باختلاف المتعلق. ‏
الطالب ..  مع العلم أنه لا يقتصر مفهوم العدد على (الأمر بالنفي) كما فهم الحنفية ومن تابعهم ، ‏وإنما يشمل (نفي الإلزام)، أي (عدم التوجّه له بالإلزام) لا (التوجّه بالإلزام). وهذا هو ‏عين المفهوم المبحوث عنه، وهو قابل لتعقل تحقيقه. ‏
الطالب ... استاذي فما هي طرق التخلص من هذا الإشكال؟

الاستاذ .... ياولدي العنوان المنتزع من حاق مرتبة معينة من العدد والمحمول عليه من خارج المحمول فانتفاء الحكم عن غيرها من المراتب لانتفاء الموضوع فعليه مفهوم العدد أشبه شيء بمفهوم اللقب الذي لا يقول به عاقل. واعتبارات الماهية المشار إليها في السؤال ن لوحظت بالقياس إلى ذات المرتبة فلا تقتضي المفهوم وان لوحظت بالقياس إلى الغير فاعتبارها مع الموضوع ـ ذات الرتبة ـ يفتقر إلى القرينة. ومنه يظهر ما في ـ لأن اعتبار منع الشرط هو إزالة العدد نفسه. الخ مضافاً إلى إن تقييد شيء بشيء يتوقف على التعدد لامتناع الإضافة بين شيء وبين نفسه بدون التأويل. وقد تبين ما في (فان التفريق بين مفهوم العدد ومفهوم الوصف.... الخ) فان العنوان المنتزع من قيام الوصف بموضوع الحكم الذي هو محل الخلاف في المفاهيم هو من المحمول بالضميمة لا بالصميمة فعليه نفي الالتزام كالأمر بالنفي مسكوت عنه بمقتضى طبع الكلام المتضمن الحكم لمرتبة محددة مثل قوله تعالى: ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجعتم . مع قطع النظر عن القرينة في ذيله: تلك عشره كاملة. ولعل المثال الأوضح قوله تعالى: ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين.
   dr. Sajid Sharif Atiya  سجاد الشمري 
sajidshamre@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق