قائمة المدونات التي اتابعها

الاثنين، 11 فبراير 2013

مناظرة حديث اختلاف أمتي رحمة


بسم الله الرحمن الرحيم

اختلاف أمتي رحمة الوليد بن يزيد


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين.  جرى جدال واسع في عصر الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام :


بين المعتزلة من جهة وبين غيرهم ممن كانوا يسايرون الأمويين أو يخافون بطشهم من جهة أخرى، وعندما قُتِل الوليد بن يزيد ووقع الخلاف في الشام فيمن يتولى الخلافة من بعده فتحرّك المعتزلة وانحازوا إلى جانب محمد بن عبدالله بن الحسن فاجتمع جماعة منهم فيهم عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء وحفص بن سالم ، وقصدوا الإمام الصادق (ع) ليشرحوا لهم وجهة نظرهم من هذا الأمر ، وتكلّم منهم عمرو بن عبيد فقال: 

لقد قتل أهل الشام خليفتهم وضرب الله بعضهم ببعض وتشتت أمرهم فنظرنا فم نجد لها سوى محمد بن عبدالله بن الحسن (النفس الزكيّة) وكان يلقّب بذلك ، فأردنا أن نجتمع معه ونبايعه ثمّ نظهر أمرنا معه وندعو الناس إليه فمن بايعه كنا معه وكان معنا ومن اعتزلنا كففنا عنه، ومن وقف في طريقنا جاهدناه ونصبنا له لنردّه إلى الحق وأهله، وقد احببنا أن نعرض أمرنا علي فإنه لا عناء لنا عن مثلك لفضلك وكثرة شيعتك . انتهى

ورغم أن مرشح المعتزلة لها من أهل البيت وافضل ممن تقدم لها من الأمويين في دينه وعلمه إلا أن ذلك لم يمنع الإمام الصادق عليه السلام من أن ينتقد الأسلوب الذي اعتمدوه في اختيار محمد بن عبدالله بن الحسن لها ، فالتفت إلى الحضور وقال: 

أكلّمكم على مثل ما قال عمرو بن عبيد
 
 فقالوا : نعم يا ابن رسول الله ، فحمِد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّ ثمّ قال :
 إنا نسخطُ إذا عُصِي َ الله فإذا أطيع رضينا ، أخبرني ياعمرو لو أنّ الأمّة قلّدتك أمرها وملكته بغير قتالٍ ، وقيل لك ولِّها من شئت من المسلمين من تولّي منهم؟
فقال: أجعلها شورى بين المسلمين،
قال : بين كلّهم ؟
قال: نعم
قال: بين فقائهم وخيارهم من قريش وغيرهم و العرب وغيرهم
 فقال له الإمام أتتولّى أبا بكر وعمر أم تتبرّأ منهما؟
فقال عمرو: أتولاهما
فردّ عليه الإمام بقوله: فإن كنت تتبرأ منهما فإنه يجوز لك الخلاف عليهما وإن كنت تتولاهما فقد خالفتهما فقد بايع عمر بن الخطاب أبا بكر ولم يشاور أحداً ، ثمّ ردّها أبو بكر عليه ولم يشاور أحدًا ، ثمّ جعلها عمر بن الخطاب بين ستّة وأخرج منها الأنصار وغيرهم من قريش، ثمّ أوصى الناس بشىء لا أظنّك ترضاه أنت ولا أصحابك
 قال وما صنع؟
 فقال الإمام (ع): أمر صهيباً أن يصلّي بالناس ثلاثة أيامٍ وأن يتشاور أولئك الستة ليس فيهم أحد سواهم إلا ابن عمر وليس له من الأمر شيء واوصى من بحضرته من المهاجرين والأنصار إن مضت ثلاثة أيامٍ ولم يفرغوا ويبايعوا أن تضرب أعناق الستّة جميعاً ، وإن اجتمع أربعة قبل أن تمضى الأيام الثلاثة وخالف اثنان أن تضرب أعناق الاثنين ، أفترضون بهذا فيما تجعلونه من الشورى بين المسلمين ؟
 قالوا: لا.

حديث اختلاف أمتي رحمة ؟

جاء في رواية عبد المؤمن الأنصار أنه قال:
 قلت لآبي عبدالله الصادق (ع): أنّ قوماً رووا أنّ رسول الله (ص) قال: اختلاف أمتي رحمة ، فقال الإمام (ع): صدقوا..قلت إذا كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب، قال : ليس حيث تذهب وذهبوا، إنما أراد رسول الله (ص) قوله تعالى ( فلولا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة ليتفقّهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلّم يحذرون )) لقد أمرهم بأن ينفروا إى رسول الله ويختلفوا إليه ويتعلّموا ثمّ يرجعوا إلى قومهم فيعلّموهم، فقد أراد رسول الله اختلافهم في البلدان لتعليم الناس لا اختلافهم في الدين.

 مناظرة بين الإمام الصادق (ع) وأبي حنيفة
جاء في بعض المرويات أن الإمام جعفر بن محمد الصادق -عليه السلام- قال لأبي حنيفة في بعض مجالسه معه: بم تفتي أهل العراق يا أبا حنيفة؟
قال أبو حنيفة : بكتاب الله .
قال الإمام (ع): وإنّك لعالمٌ بالكتاب ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه؟
قال أبو حنيفة: نعم.
قال الإمام (ع) : فأخبرني عن قول الله تعالى: (وقدّرنا فيها السير ليالي وأياماً آمنين) ، أي موضع هذا ؟ قال أبو حنيفة: هو ما بين مكّة والمدينة.
فالتفت الإمام الصادق لجلسائه وقال: نشدتكم بالله هل تسيرون بين مكة والمدينة وتأمنون على دمائكم وأموالكم؟
فقالوا: لا .
فقال الإمام (ع) : يا أبا حنيفة إنّ الله لا يقولُ إلا حقّاً ، أخبرني عن قول الله تعالى (ومن دخله كان آمناً)) أي موضع هو؟
قال أبو حنيفة : ذلك بيت الله الحرام.
فالتفت أبو عبدالله الصادق إلى جلسائه وقال: نشدتكم بالله هل تعلمون أن عبدالله بن الزبير وسعيد بن جبير دخلاه ولم يأمنا من القتل؟
فقالوا: اللهم نعم .
فقال أبو حنيفة : ليس لي علمٌ بالكتاب ، إنما أنا صاحب قياس .
فقال الإمام: فانظر في قياسك إن كنت مقيساً ، أيّما أعظم عند الله القتل أو الزنا؟
قال أبو حنيفة : القتل أعظم.
قال الإمام (ع) : فكيف رضي في القتل بشاهدين ولم يرض في الزنا إلا بأربعة شهود ، وأيهما أفضل الصلاة أم الصيام؟
قال أبو حنيفة : بل الصلاة أفضل .
قال الإمام (ع) : فيجب على قياسك أن تقضي الحائض ما فاتها من الصلاة حال حيضها دون الصيام ، في حين أن الله قد أوجب عليها قضاء الصوم دون الصلاة .
ثمّ قال له : البول أقذر أم المني؟
قال البول أقذر .
فقال (عليه السلام) يجب على قياسك أن يغتسل الإنسان من البول دون المني .
فقال عندها أبو حنيفة إنما أنا صاحب رأي.
فقال الإمام (ع): فما ترى في رجلٍ كان له عبد فتزوّج وزوّج عبده في ليلة واحدة ، فدخلا بزوجتيهما في ليلة واحدة أيضاً ، ثم سافرا وتركا زوجتيهما في بيت واحد وولدتا غلامين فسقط البيت عليهم فقتل المرأتين وبقي الغلامان ، أيهما في رأيك المالك وأيهما المملوك؟ وأيهما الوارث وأيهما الموروث؟
فقال أبو حنيفة : إنما أنا صاحب حدود.
قال الإمام (ع) : فما ترى في رجلٍ أعمى فقأ عين صحيح ، وأقطع قطع يد رجل كيف يقام عليهما الحدّ؟
فقال أبو حنيفة : إنما أنا رجل عالم ببعث الأنبياء .
قال الإمام (ع): فأخبرني عن قوله تعالى لموسى وهارون حين بعثهما إلى فرعون: (لعلّه يتذكّر أو يخشى) أليست لعلّ للشكّ؟
قال أبو حنيفة : نعم .
قال الإمام (ع): فهل هي من الله شكّ؟
قال أبو حنيفة : لا أعلم.
فقال الإمام (ع): تزعم أنك تفتي بكتاب الله ولست ممن ورثه ، وتزعم أنك صاحب قياسٍ وأوّل من قاس إبليس ، وتزعم أنك صاحب رأي وكان الرأي من رسول الله صواباُ ومن غيره خطأ ، لأنّ الله يقول: (فاحكم بينهم بما أراك الله) ولم يقل ذلك لغيره، وتزعم بأنك صاحب حدود ومن أنزلت عليه أولى بعلمها، وتزعم أنك عالم بمباعث الأنبياء وخاتم المرسلين أعلم بمباعثهم منك، ولولا أن يقال أنّ أبا حنيفة دخل على ابن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ولم يسأله ما سألتك عن شيء.
فقال أبو حنيفة : لا أتكلّم بالرأي والقياس بعد هذا اليوم.
فقال الإمام (ع) : كـلا ؛ إنّ حبّ الرياسة غير تاركك كما يترك من كان قبلك. 

فليتفكر كل ذي لبّ بما ورد وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
وصلى الله على محمدِ واله وصحبهِ الى يوم الدين ؟
dr. Sajid Sharif Atiya  سجاد الشمري  sajidshamre@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق