قائمة المدونات التي اتابعها

السبت، 9 فبراير 2013

نظرية الواحد لا يصدر عنه إلا واحد طبقاً لوجود السنخية بين العلة والمعلول

بسم الله الرحمن الرحيم

الواحد لا يصدر عنه إلا واحد 


          تمسك الفلاسفة التقليديون بنظرية الواحد لا يصدر عنه إلا واحد طبقاً لوجود السنخية بين العلة والمعلول ووجود علاقة بينهما فإذا فقد العلاقة والارتباط بين العلة والمعلول لما استدعت العلة وجود معلول معين ولا ختل نظام مبدأ العلية و السببية.
          و تقع مناقشة علمية أخرى وهي ان الواجب المطلق واحد وان العالم متعدد و لا يعقل ان يصدر التعدد من الواحد فيلزم اما وحدة العالم أو تعدد الآلهة.
          و قد أجاب محمد طاهر ال شبير الخاقاني قدس ان من كمال الإبداع التكويني صدور الكثرة من الواحد ولا يستلزم الاشكال أصلاً في خصوص ذات الواجب وإنّما الاشكال يمكن تصوريه بالقياس إلى الممكنات الّتي في واقعها الفقر الذاتي دون الغناء الذاتي.

          و بهذا العرض يتنور لديك حقيقة الأمر بأنه لسنا في حاجة إلى التمسك بأن المعلول الصادر من قبل مبدأ العلة الأولى ان يكون المعلول واحداً لكفاءة العلة و صلاحيتها ان توجد عدة معاليل في عرض واحد من غير حاجة إلى الطولية بالقياس إلى المطلق وان كان الاشكال محققاً في جانب الممكنات.
          فما ذهب إليه أفلاطون من الوساطة الواحدة وهي النفس الكلية وان النفس منبع الكثرة أو ما اختاره الكندي (ت 252 هـ) من وجود واسطتين وهما العقل والنفس حيث أوجد اللّه‏ العقل وأودع فيه العقل والايجاد بواسطته أوجد النفس وتفرعت الموجودات.
          أو ما ذهب إليه الفارابي من تعدد الوساطه إلى عشر : 1 ـ اللّه‏ 2 ـ العقل التالي مدبر الافكاك 3 ـ العقل الثالث يتفرع منه عقل رابع يدير زحلا 5 ـ العقل الخامس يدبر المشتري 6 ـ العقل السادس يدير المريخ 7 ـ العقل السابع يدير الشمس 8 ـ العقل الثامن يدير الزهرة 9 ـ العقل التاسع يدير عطارد 10 ـ العقل العاشر يدير القمر.
          كل هذه النظريات قاصرة عن معرفة قدرة اللّه‏ الكونية و إنّما هذه النظريات على تقدير مكانها بالقياس إلى الممكنات دون القدرة الالهية.
أقسام الواحد :
          ينقسم الواحد إلى أقسام :
          1 ـ الواحد الحقيقي هو الّذي يتصف بالوحدة من غير واسطة عروضية كالانسان الواحد فالواحد الحقيقي اما ذاته متصفة بالوحدة بنحو حمل الوحدة على الذات أو هي نفس الوحدة فإذا كانت الوحدة عبارة عن نفس الذات فالواحد و الوحده‏واحد.
          2 ـ الواحد غير الحقيقي هو الواحد الاضافي و هو ما استدعي الواسطة حين الاتصاف بالوحدة و يأتي في صورة الأجناس و الأنواع العالية فيدور بين ان يكون واحداً بالعموم المفهومي أو واحداً بالعموم الوجودي كالوجود المنبسط أو واحداً جنساً كالوحدة الحيوانية أو واحداً بالعرض كوحدة الماشي و الضاحك.
الجواهر و الأعراض :
          عرف الجوهر بأنه الماهية الّتي لا ينطبق عليها موضوع خاص ، و لذا قد يكون الجوهر محلاً لجوهرو هو الهيولي ، و قد يكون حالاً في جوهر كما إذا كان صورة و قد يتركب من الهيولي و المادة و يعبر عنه بالجسم و قد تفترق عن المادة و الصورة و ليس مركباً منهما و هو في ذلك الآن يكون نفساً ان كان مفارقاً عن المادة ذاتاً و لكن له تعلق تدبير استكمالي بعالم الصور.
          و قد يكون الجوهر مفارقاً للماده ذاتاً و فعلاً معاً و يعبر عنه بالعقل ، وبعبارة أخرى انه ليس له تعلق تدبيري بعالم الصورة ، و قد أشرنا إليه في منطقنا مفصلاً.
 
          و نلفت نظرك إلى عدم صحة كون الجوهر له الضدية مع جوهر آخر لأنّ الضدين مرجعهما إلى أمر وجودي لا يجتمعان في موضوع واحد لأنّ الجوهر لا موضوع له محدد كما انه ليست الحركة من حقيقة الجوهر و الا للزم ان يكون الواحد فاعلاً و قابلاً.

الحركة الجوهرية :
          قال الفيلسوف الشيرازي ان الحركة واقعة في صميم الجوهر الا انه قبل بيان مذهبه لا بأس بتناول البحث حول تعريف الحركة ذكر انها مفهوم عام تشمل الزيادة و النقصان و التغير والحدوث و يستعمل أرسطو لفظه التغير على الحركة الكيفية فتكون حركة الجوهر من حال العدم إلى حال الوجود و حركة الكيف هو التغير و التحول و حركة الكم هوالتزايد أو التناقض.
          و يرى أفلاطون ان الحركة واقعة بين أجناس الوجود الكبرى.
          و استدل على الحركة بأدلة أربع :
          1 ـ وقوع الحركة في المقولات الأربع العرضية يقضي بوقوعها في مقولة الجوهر لأنّ الأعراض تابعة للجواهر مستندة إليها استناد الفعل إلى فاعله فالأفعال الجسمانية مستندة إلى الطبائع و الصور النوعية و هي الأسباب النوعية في الأجسام المتحركة في الكم و الكيف و الأين و الوضع متغيرة سيالة الوجود كاعراضها و لولا ذلك لم يتحقق سبب لشي من هذه الحركات.
          2 ـ كل جوهر جسماني له طبيعة سيالة متجددة و له أيضاً ثابت مستمر باق نسبته إليها نسبة الروح إلى الجسد و هنا كما ان الروح الانساني لتجرده باق و طبيعة البدن أبداً في التحلل و الذوبان و السيلان و إنّما هو متجدد الذات الباقيه بورود الامتثال على الاتصال و الخلق لفي غفلة عن هذا بل هم في لبس من خلق جديد و كذا حال الصور الطبيعة لأشياء فانها متجددة من حيث وجودها المادي الوضعي الزماني ولها كون تدريجي غير مستقر بالذات.
 
          3 ـ ذكر المعلم الأول أرسطو في كتابه اثولوجيا معناه معرفة الربوبية انه لا يمكن ان يكون جرم من الأجرام ثانياً قائماً مسبوطاً كان أو مركباً إذا كانت القوة النفسانية غير موجودة فيه وذلك ان من طبيعة الجرم السيلان و الفناء فلو كان العالم كله جرماً لا نفس فيه و لا حياة لبادت الأشياء و هلكت.
          4 ـ الآيات القرآنية قال اللّه‏ تعالى: «و ترى الجبال تحسبها جامدة و هي تمر مر السحاب»[1] أي تتبدل الجبال بتحدد الامثال بالحركة الجوهرية أو تتبدل على سبيل الاستكمال و تترقى طولاً إلى ان تصل إلى الغايات بالوفود على الحضرة الالهية و قال تعالى بل هم في لبس من خلق جديد.
          و قد نوقشت نظرية الشيرازي ان الطبيعة المتجددة لا يصح صدورها من المبدأ الثابت.
          و أجيب بأن الحركة لما كانت في جوهرها فالتغير والتجدد ذاتي لها و الذاتي لا يعلل فالجاعل إنّما جعل المتجددلا انه جعل المتجدد متجدداً.
          وممّا نستعين به على الفهم الفلسفي في مجال الحركة و المادة الّتي تناولها علماء الفيزياء بان الحركة مكونة من الحرارة و العمل و الضياء و الكهرباء و المغناطيسية.
          ويقول ديمقريطس وهو الّذي ينسب إليه المبدأ الذري ان الكون يتألف من عدد لا يتناهى فالكون حقائق ثلاث. الذرة و الفراغ و الحركة، و ليس الجمس كتلة متصلة كما يشاهد بالحواس خلافاً لنظرية بعض الفلاسفة بأن الأجسام متصلة و أنكر وجود الذرة و الفراغ كما عن أرسطو و قال بامتناعه[2].
         و بهذا يثبت كون الجوهر مرتكزاً على وجود الحركة و لكن لا كما يقوله الدبالكتيكيون بأن الأشياء تنتج عن حركة في المادة و ان حركة الماده ناشئة عن المادة نفسها بل الحركة في التصوير الفلسفي الموجودات الكونية ، و لا نعني بالمادة الفلسفية هي نفس المادة الّتي جرى عليها العلم التجريبي لأنّ المادة الفلسفية أدق غير قابلة لقانون التجربة بل هي أبسط من قانون التجربة.
          و الّذي يبدو لدى الفلاسفة في نظرية الحركة الجوهرية ان المادة الجوهرية هي الّتي تقع في إطار المادة العلمية و ان الحركة يراد بها الحركة الذاتية بمعنى الواسطة في الثبوت دون الحركة الواقعة بواسطة العروض لأنّ الرقي و النضوج التكويني يستدعي الحركة في النمو و التكامل كتصور المادة من العناصر البسيطة إلى اليورانيوم حينمايقع صراع بين العناصر السالبة و العناصر الموجبة و هكذا حتى تتولد مادة أخرى و يحصل التكاثر طبقاً لقانون الذرة و تكون الحركة مستمرة بنحو المقارنة.
          و لا نقول ان كل ذرة وصلت إلى التكامل الذاتي لأنّه موضوع آخر و ان كنت اعتقد ان التكامل في كل ذرة لم يصل إلى نصابها المرسوم لها و إنّما هي في دور الرقي و التصاعدو ان أطلق عليها تكاملاً فذاك بلحاظ النسبة الاضافية بالقياس إلى المرحلة الأخرى دون النسبة الحقيقية و هذا ليس من موارد التطور الطبيعي لأنّ التكامل داخل في قوام الشيء بخلاف التطور.

الحركة الذاتية و الحركة العرضية :
          وجود الحركة على طبيعة المادة و تسمى بالحركة الذاتية و وجود حركة بالواسطة كحركة الجالس في السفينة و الطائرة و هي الّتي تسمى واسطة في العروض دون الثبوت.
          أما الحركة الّتي في صميم الجوهر تقع في إطار الواسطة في الثبوت دون العروض و أمّا تعريف الحركة عند المذهب الفلسفي فهي الخروج من دائرة القوة إلى الفعلية تدريجاً و عرفها أرسطو بأنها تحقيق ماكان موجوداً.
          و تتوقف الحركة على ستة ركائز :
          1 ـ المبدأ 2 ـ المنتهى 3 ـ الموضوع 4 ـ الفاعل 5 ـ المسافة الّتي فيها الحركة
6 ـ الزمان الّذي تنطبق عليه الحركة.
          و لنأتي بك إلى الحركة الجوهرية الّتي جاء بها الفيلسوف الشيرازي و ان كان مشهور قدماء الفلاسفة ذهبوا إلى ان الحركة تقع في أربع مقولات الأين و الكيف و الكمو الوضع و لكن الشيرازي جعلها في إطار الجوهر.

أنواع حركة الكواكب :
          تنقسم حركة الكواكب على ثلاثة أنواع :
          حركة انتقالية و هي الّتي توجد من جانبين.
          حركة ارتعاشية و هي الّتي تستقر في مكانها.
          حركة دائرية و هي الّتي توجد عن طريق الدائرة بأن تكون متصلة لا نهاية لها.
          و يقول الفيلسوف الشيرازي أمّا الحركات فهي بالقسمة العقلية الضرورية إما مستقيمة و إما مستدبرة و المستقيمة اما من المركز أو إلى المركز و إما مارة على المراكز بالاستقامة و هي الآخذة من الطرفين أو غير آخذة منهما بل على محاذاتهما[3].

الحركة و السكون :
          عند ملاحظة وجود الحركة في صميم الجوهر فلا يمكن فرض السكون أصلاً و أمّا على نظرية أرسطو بأن الحركة هي تحقيق ما كان موجوداً بالقوة فتصطدم مع نسبية الحركة الانتقالية ، و هي ان تكون الحركة من المنتقل عنه إلى المنتقل إليه على نحو النسبة الاضافية فإذا نظرت إلى سرعة القاطرة بالقياس إلى الطائرة لم تكن القاطرة ساكتة و إنّما كل منهما متحرك النسبة إضافية و لكن على نظرية أرسطو لازمه ان يكون بالنظر إلى القاطرة ساكنة ليست متحركة.
  
الحركة الميكانيكية :
          تقوم الحركة الميكانيكية على عدة عوامل :
          1 ـ السبب الخارجي و هذا بخلاف الحركة الديالكتيكية فان الحركة في داخل الذات.
          2 ـ التغيير المستمر.
          3 ـ التفاعل بين الأجزاء التكوينية.
          4 ـ التناقض سواى‏ء كان ظاهرياً أم خفياً.
          5 ـ بمجرد انطلاق الحركة يستدعي دوامها ولذا يقال إذا وجدت دامت.


تقسيم الحركة بلحاظ فاعلها:
          تنقسم الحركة من حيث الفاعل إلى ثلاثة أقسام :
          1 ـ الحركة الطبيعية بأن توجد الحركة تلقائياً لوخلي و نفسها.
          2 ـ الحركة الارادية كأن تصدر الحركة عن الاختيار و الارادة النفسانية.
          3 ـ الحركة القسرية و هي الناشئة عن القهر من قبل إرادة شخص آخر تجبرعلى إيجاد الحركة.

الحركة توسطية و قطعية
          يصطلح الفلاسفة على معنيين في وجود الحركة :
          1 ـ الحركة التوسطية و هي الّتي تقع بين نقطة ابتدائية و نقطة انتهائية من حيث القوة الخاصة.
          2 ـ الحركة القطعية و هي الناظرة إلى جهة التحديد في المسافة من القوة إلى الفعلية من غير فرق بين الحركة واقعة اتصالية أو انفصالية.
          و بهذا يتضح أوّلاً ان التقسم لأصل وجود الحركة و في الحركة التوسطية إنّما يلحظ من حيث القوة دون ذات الفعلية حيث لا مبدأ و لا منتهى لها ولو قصد بالتقسيم الفعلية فقط كانت الحركة دفعية و ليست تدريجية و يكون من نوع مفهوم التغير دون حقيقة الحركة و مفهوم التغير يعطي معنى وجود الشيء بعد العدم و مؤداه الدفعية دون التدريجية بينما الحركة بالحمل الأولي دون الحمل الشائع تكون بمعنى الخروج من القوة إلى الفعل و لو كان لها تحديد خارجي صارت من مصاديق التغير دون ما يستفاد من مفهوم الحركة بالوجه العام.
          قطبيعة الحركة كما أوضحناها الانتقال من القوة إلى الفعلية و لكن لا تقع دائماً في محور القوة و من جميع الجهات حيث لا وجود لها. بحث رقم ( 175 ) ال شبير الخاقاني تحقيق سجاد الشمري .
......... المصادر ...........
[1] . سورة النمل رقم الآية 88.
[2] . تاريخ الفلسفة العربية ج1 ص 308 برتراندرسل.
[3] . المبدأ و المعاد ص 60.
dr. Sajid Sharif Atiya  اعداد  سجاد الشمري  sajidshamre@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق