قائمة المدونات التي اتابعها

الخميس، 7 فبراير 2013

خلفيات الواقع التاريخي لمسألة الخلافة

بسم الله الرحمن الرحيم

النص والشورى الاَساس في الاِمامة والخلافة (الرزية)


الحمدُ لله ربِّ العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف مبعوث للعالمين، نبينا محمد المصطفى وعلى آله الطيّبين الطاهرين ، ومن أخلص لهم من الصحابة والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين . وبعد :
فقد أصبح من البداهة والضرورة بمكان أنّ أيّ قائدٍ من القادة (المخلصين للمباديء والشعوب ) لا يعقل أن يترك أُمّته وأتباعه من بعده هملاً وبلا راع , ولذا نراهم ـ دائماً ـ يفكّرون في من يخلفهم عند غيابهم ـ حتى في المدة القصيرة ـ لكي يقوم بالوظائف والمهام .
وإذا كان ترك الاَمّة سدىً من سائر القادة مستحيلاً ، كان ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستحيلاً بالاَولوية القطعية ، فإنّه سيد العقلاء وأشرف المخلوقين من الاَولين والآخرين ، وشريعته أفضل الشرائع ، وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم .
إذن ، فلابدّ من خليفةٍ له يخلفه في أُمّته ، ولابدّ أيضاً من أن يكون هو ـ قبل غيره ـ المهتمّ بهذا الاَمر .
فلاشك أن الاَمّة يوم فقدت النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانت تتذكّر ما رأته وما سمعته من خلال أيام رسالته في هذا المجال ، وخصوصا في أيامه الاَخيرة حيثُ أوصى بأشياء كثيرة ، فإنّهم كانوا يحفظون تلك الوصايا ـ في الاَقل لقرب العهد بها ـ وهي الوصايا التي ما زالت الاَمّة تحتفظ بها حتى يومنا هذا .
فهل كان الذي سمعوه منه وحفظوه هو (النص) على واحدٍ معيّنٍ من بعده ، أو ترك الاَمر إلى الاَمّة نفسها لتختار له خلفاً يقوم بوظائفها وشؤونها ؟
وعلى الجملة ، فهل الاَساس في الاِمامة والخلافة ـ على ضوء الكتاب والسُنّة ـ هو (النص) أو (الشورى) ؟
ولكنا إذا ما عدنا إلى خلفيات الواقع التاريخي لمسألة الخلافة في الاِسلام ، ودرسناها بحياد تام ؛ لوجدناها قد حسمت بعيداً عن كلا الامرين وذلك باجراء سريع عاجل على أثر مبادرة جماعة من الانصار مع نفر قليل من المهاجرين إلى اجتماع السقيفة في وقت انشغال المسلمين وعلى رأسهم أهل البيت عليهم السلام وبنو هاشم جميعهم.
 بتجهيز النبي الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، والقاء النظرة الاَخيرة على الجسد المطهر العظيم ومن ثم مواراته الثرى في موكب حزين .
ومع قلّة المجتمعين في السقيفة فان مادار بينهم لم يسفر عن رضا الجميع ولا عن اتفاقهم أو تشاورهم ، بل تطاير الشرُّ فيها ، وكانت بيعتهم ـ كما قال عمر ـ (فلتة وقى الله شرّها) .
وهذا يعني ان الشورى لم تتحقق بين أصحاب السقيفة أنفسهم فضلاً عمن غاب عنها ورفضها كأهل البيت عليهم السلام ، وأصحابهم ، وبني هاشم كلهم ، والامويين أيضاً كما يدلّ عليه موقف عميدهم ، فهذا هو الواقع التاريخي الذي ساد بعد اجتماع السقيفة .
ولاَجل صيانته ، والحفاظ على كرامة السلف الماضين حاولت طائفة التنظير لمسألة الخلافة من خلال ذلك الواقع فتشبثت بالشورى ، لكن لما اصطدمت بالواقع التاريخي الذي أشرنا إليه ، عادت إلى النص.
وحينئذٍ يأتي البحث عن من هو (المنصوص عليه) من قبل الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم ؟
وهذا الذي نقدمه قد أُجريت فيه موازنة وحوار علمي بين منطق أصحاب (الشورى) وبين منطق أصحاب (النص والتعيين) ، مع ايراد أقوى ما يمتلكه الطرفان من الاَدلة ومناقشتها بحياد وموضوعية ، مع بيان أي من المنطقين هو المتماسك وأيُّهما المتهافت .
كان اخر ما قاله صلوات الله عليه وسلامه اوصيكم بكتاب الله وعندما حاول بعض الصحابه الالحاح عليه دخل في اغمائه الموت فقال لهم الفاروق حسبنا كتاب الله
ليس الأمر كما تصوره هنا .. دعنا ننظر الى إحدى الروايات بهذا الشأن من صحيح البخاري لنتبين الحق :

صحيح البخاري ، الجزء الأول. كتاب العلم. باب: كتابة العلم.
114 - حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني ابن وهب قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال:
لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه قال: (اتئوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا من بعده). قال عمر: إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع، وعندنا كتاب الله حسبنا. فاختلفوا وكثر اللغط، قال: (قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع). فخرج ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كتابه.
ومن خلال هذه الرواية نكتشف بأن :
1 - الرسول كان يريد كتابة الوصية حيث أمر بإحضار الكتاب بقوله صلى الله عليه وآله وسلم : (اتئوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا من بعده).
2 - هذا الكتاب يمنع الصحابة من الضلال بعد كتابته ، ونجد ذلك بقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا تضلوا من بعده )
3 - أبا حفص يرفض طلب الرسول ويدّعي بأنه قد غلبه الوجع، وعندنا كناب الله حسبنا .. فهو كاف عما سيوصي به الرسول حسب وجهة نظرة
وفي رواية أخرى قال إنه (( يهجر ))
4 - نيتجة لما قاله عمر حصل الانشقاق ، والتفرق الى فئتين أحدهما تؤيد مطلب النبي والأخرى ترفضه وتؤيد رأي أبي حفص !
5 - كثر اللغط عن رسول الله من قبل أصحابه !
6 - طردهم رسول الله من بيته حيث قال: (قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع).
7 - فخرج ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كتابه.
وصلى الله على محمد واله وصحبة الى يوم الدين.
dr. Sajid Sharif Atiya سجاد الشمري 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق