قائمة المدونات التي اتابعها

الخميس، 7 فبراير 2013

صحة العقيدة عند الشيخ ابن

بسم الله الرحمن الرحيم

اعتقادات وشطحات علماء المسلمين


الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله وصحبه اجمعين.
من الشطحات العظيمة قول الشيخ ابن يتيمة بقدم العالم بالنوع ، أي أن الله لم تزل معه المخلوقات منذ الأزل وأن الحوادث لا أول لها ! ( راجع أقواله في : صحيح المنقول لصريح المعقول على هامش منهاج السنة 2 / 75 ، المنهاج 1 / 109) .

وقال في كتابه شرح حديث عمران بن حصين : (( وإن قدر أن نوعها لم يزل معه فهذه المعية لم ينفها شرع ولا عقل بل هي من كماله )) .
وحتى يتضح ذلك لك ـ أخي المسلم ـ صحة هذه العقيدة عند الشيخ ابن تيمية وسار على نهجهِ الشيخ محمد عبد الوهاب النجدي تحت غطاء شعار السلف الصالح انظر ما قاله معلقا على كلام ابن حزم . قال ابن حزم تحت باب من الإجماع في الاعتقادات يكفر من خالفه بإجماعه (( اتفقوا أن الله عز وجل وحده لا شريك له خالق كل شيء غيره وأنه تعالى لم يزل وحده ولاشيء غيره معه … )) .

قال ابن تيمية معلقا : (( وأعجب من ذلك حكايته ـ أي ابن حزم ـ الإجماع على كفر من نازع أنه سبحانه لم يزل وحده ولا شيء معه )) . ( نقد مراتب الإجماع ص 167 ) .

الشيخ ابن تيمية يدافع عن اعتقاده السابق بكل ثقة فليتأمل الباحثون!
وعند ذكر حديث (( كان الله ولم يكن معه شيء قبله )) قال ابن حجر العسقلاني : (( وهي أصرح في الرد على من أثبت حوادث لا أول لها من رواية الباب ، وهي من مستشنع المسائل المنسوبة لابن تيمية )) . ( فتح الباري 12 / 410 ) .
وقد نقل ابن حزم (( الإجماع على كفر من قال بأن كان الله وكان معه شيء)) ( مراتب الإجماع 167 ) .
وقال القاضي عياض : (( وكذلك نقطع على كفر من قال بقدم العالم أو بقائه أو شك في ذلك على مذهب بعض الفلاسفة والدهرية )) ( الشفا 2 / 606 ) .
وكذلك النووي يكفر معتقد قدم العالم كما في الروضة 10 / 64 ، وراجع فيما سبق : التنبيه والرد على معتقد قدم العالم والحد ، السقاف الشافعي .
وقال القاضي أبو يعلى الحنبلي في كتابه المعتمد (( والحوادث لها أول ابتدأت منه خلافا للملحدة )) ( راجع التنبيه والرد )) .
نعم هذه عقيدتهم : إن المخلوقات لم تزل مع الله فهي قديمة! فأين هذا الاعتقاد من الإسلام ؟

كيف يقبل المسلم أن يعتقد بأن الحوادث لا أول لها!

فهذا الخطأ الجسيم في حق الله يكفي لأن يجعل أولي الألباب يضعون علامات الاستفهام المدهشة للعقول على هذا الاتجاه ، وكل إنسان محاسب على اعتقاده !

ويقول الشيخ ابن تيمية : (( ولو قد شاء الله لاستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته ولطف ربوبيته ، فكيف على عرش عظيم )) . (التأسيس 1 / 568 ) .

وقال الشيخ ابن تيمية : (( إن الله تعالى يجلس على الكرسي وقد أخلى منه مكانا يقعد فيه معه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) )) .
وذكر هذا القول ابن القيم في بدائع الفوائد وذكر أنه قول السلف (4 / 39 ـ 40) ، وقال الخلال الحنبلي عن هذا الاعتقاد : (( من رده فقد رد على الله عزوجل )) . ( راجع نقد كتاب منهج الأشاعرة في العقيدة ، السقاف الشافعي : ص 26 ) .

وإسلاماه: كيف يسوغ مسلم لنفسه أن يعتقد هذا الاعتقاد ؟

فهذا الاعتقاد يصور الله بأنه جالس على الكرسي مع أن الله خالق الكرسي ( إلا أن نعتقد كما يعتقد ابن تيمية أن الكرسي لم يزل مع الله ـ والعياذ بالله ـ ) ، ويصور الله بأنه محدود يسعه كرسي ويحويه مكان والله خالق المكان ، ويصور الله بأنه يجلس كالإنسان كما يدل قوله : (( وقد أخلى منه مكانا يقعد فيه معه رسول الله )).

ويعتقد الشيخ ابن تيمية وسار على نهجهِ الشيخ محمد عبد الوهاب النجدي تحت غطاء شعار السلف الصالح أن الله في جهة كما مر في اختلافات السلفية وقد نقل المحدث علي القاري أجماع الأمة على كفر من اعتقد أنه الله تعالى في جهة ( راجع التنبيه والرد نقلا عن شرح المشكاة 2 / 137).

وفي كتاب إتحاف الكائنات لمحمود خطاب السبكي : (( إن الإمام العراقي صر بكفر معتقد الجهة ، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي وأبو الحسن الأشعري والباقلاني )) . ( المصدر السابق ص 17 )) .

ويثبت السلفية الحد لله (( قال أبو سعيد ـ أي الدارمي ـ والله تعالى له حد ولا يعلمه أحد غيره ولايجوز لأحد أن يتوهم لحده غاية في نفسه ، ولكن يؤمن بالحد ويكل علم ذلك إلى الله ، ولمكانه أيضا حد …فهذا كله وما أشبهه شواهد ودلائل على الحد ، ومن لم يعترف به فقد كفر بتنزيل الله وجحد آيات الله )) . ( المصدر السابق نقلا عن موافقة صريح المعقول المطبوع بهامش المنهاج 2 / 29 ) .

وألف أحد السلفية كتابا يثبت فيه الحد لله وان الله قاعد وجالس على عرشه ( المصدر السابق ) . ونفى الحد عن الله أبو حنيفة والشافعي وشارح الطحاوية والبيهقي وابن حجر وابن دقيق العيد والحافظ العلائي وابن حبان ( المصدر السابق 32 ) .

وقال السلفية : إن لله يدين ورجلين ووجها وعينين وخمسة أصابع وأنه يضحك ويأتي يوم القيامة ولايعرفه المؤمنون ،واستدلوا لما يقولون بأن الله أثبت لنفسه هذه الصفات وأثبتها له رسوله حين قال الله تعالى لأبليس : ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ) ( سورة ص 75 ) ، فهو قد أثبت لنفسه اليدين ، ومن قوله تعالى : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) (القصص 88 ) استدلوا على أن لله وجها ، وهكذا بقية الصفات .
فالسلفية يفهمون هذه الألفاظ على حقيقتها وليس هناك مجاز في القرآن!
ونحن لو نظرنا لمنهج السلفية الذي اختطوه لأنفسهم (( كل القرآن حقيقة)) وجدناه يتعارض مع البداهة العقلية بل إنه مناقض لنفسه ، فإن إثبات هذه الصفات لله يستلزم التركيب لذاته فهو مركب من وجه ويدين ورجلين .
 وهذا مرفوض لأن كل مركب مخلوق والمركب يحتاج إلى من يركبه . وكما قلت : إن منهج هؤلاء ، الذي يدعو إلى الجمود على ظواهر الألفاظ دائما ، وعدم تجاوز حرفيتها ، منهج يبطل نفسه بنفسه ،لا سيما إذا طبقناه على بعض آيات الصفات التي تركيبها وصياغتها الخاصة من مثل قوله تعالى :
 (( كل شيء هالك إلا وجهه )) ( القصص 88 ) ، فيكون المعنى حسب منهجهم هلاك أعضاء الله التي اثبتوها له في الفهم الحر في الآيات اخرى كاليدين والرجلين والعينين ولا يبقى من كل ذلك إلا وجهه الكريم ، نستغفر الله من هذا الفهم الحرفي الهزيل .
كذلك لو أخذنا قول الله تعالى عن القرآن : (( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه )) ( فصلت 42 ) لوجب القول أن للقرآن يدين! فإذا شاهدنا يدي القرآن وأصابعه ! آمنا بما تقولون!
وإنتبه ـ يا مسلم ـ قول الله تعالى : (( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة)) ( الإسراء 24 ) .

وسلهم هل للذل جناح ! وإذا كان له جناح ـ وهو ملزم لهم بعقيدتهم ـ فياليت يتصدقون علينا بريشة منه! ( هذا المعنى مأخوذ من أبي تمام لقصة حدثت معه) .

قد يهون الأمر إذا لم يمس مصير خلق الله ، قال تعالى : (( ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا )) ( الإسراء 72 ) ، فعلى قاعدة أن كل ألفاظ القرآن تحمل على الحقيقة فهذه الآية تعني : من كان أعمى البصر في الدنيا فهو كذلك في الآخرة . مع أن المقصود عمى البصيرة !
فهذا المنهج في التعامل مع النصوص ينقضه القرآن نفسه؟ .

وقد أخبرنا ممن يدرسون العقيدة السلفية أن هناك رأيا يميل إلى أن الحقيقة فقط في آيات الصفات . وهذا القول مناقض لما قرره السلفية من أن القرآن صفة إلهية . فعلى هذا لا يجوز تأويل القرآن ككل!

وقال السلفية : إن الله في السماء ( لابد هنا أن نشير لهذه الطرفة ، فقد كان أحد أساتذتنا السلفية يستدل على وجود الله في السماء بدليل : إننا نرفع يدينا في الدعاء إلى السماء .

في احد الايام انتقد أحد مشايخنا الأشاعرة هذا الاعتقاد فقال : إن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) قال: (( أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد )) فعلى قولهم هذا يجب ان نسجد للأعلى لا للأسفل ) .
 يرى كما يرى القمر . مع أن الله عز وجل نفى هذا الشيء عن نفسه بصريح العبارة فقال : (( لا تدركه الأبصار )) ( الأنعام 103 ) ، وقال مخاطبا موسى حين طلب رؤيته : ( لن تراني ) ( الأعراف 143 ) ولن تفيد التأبيد .
إن النظرة الواحدة لمصير بني إسرائيل الذين طلبوا رؤية الله تعالى تكفي لأن تجعلنا نرفض هذا الاعتقاد . قال الله تعالى على لسان بني إسرائيل : (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ) ( البقرة 55 ) .
فلاحظ يا أخي ما حل بهؤلاء القوم الذين أرادوا رؤية الله تعالى . فلو كانت الرؤية للله تعالى أمرا مشروعا لما عاقبهم الله بهذا العقاب ، ولوعدهم برؤيته لعدهم في يوم القيامة في نفس اللحظة لكي يقيم الحجة عليهم ، ولكن لما كان طلبهم مستحيل , وتجاوزا للحد حل بهم عذاب الله تعالى ، وإلا كيف يعاقب الله تعالى على أمر مشروع أثبته في قرآنه حسب قول السلفية! ( يستدل السلفية على رؤية الله بقوله تعالى : ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناضرة ) سورة القيامة 22 ـ 23 .
 ولكن هذه الآية لا تدل على ما ذهبوا إليه ؟
فكلمة ناظرة لها عدة معاني ومن معانيها منتظرة رحمة ربها ، ويؤيد هذا قول الله تعالى مباشرة (ووجوه يومئذ باسرة ، تظن ان يفعل بها فاقرة ) ، فالله تعالى يرسم لنا صورتين :

 - المؤمنون ينتظرون رحمة الله  - الكافرون ينتظرون العذاب ؟

 وللمزيد من هذا الموضوع يراجع (( كلمة حول الرؤية )) لشرف الدين ففيه حجج دامغة على نفي الرؤية ) .

قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام ) كما في الاحتجاج : (( إن الباصرة لايمكن ان تكون في حيز الممكنات ما لم يكن هناك اتصال بين البصيرة والمرئي ومحال اتصال شيء بذاته جلا وعلا )) ، كذلك حتى تتم رؤية شيء لابد أن تنعكس صورته في العين والله ليس له صورة .( راجع الأسماء والصفات للبيهقي 2 / 15 ، تحقيق عماد الدين أحمد حيدر )

وقال السلفية : إن الله ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة . أخرج الشيخان عن أبي هريرة مرفوعا قال : (( ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حتى يبقى الثلث الأخير يقول : من يدعوني فاستجيب له )) . ( صحيح البخاري -كتاب الدعوات - باب الدعاء نصف الليل) .

هذا الحديث لا يصح ؟ من البديهي أن كروية الأرض تعني أن ساعات الليل ليست بساعة واحدة على نقاط الأرض المختلفة ، بل هي بتتابع منتظم بانتظام دورانها حول نفسها ، فالساعة التي تكون عندنا هي ثلث الليل الأخير عند غيرنا ، سوف تكون في نقطة أخرى منتصفه الأول ، وفي نقطة أخرى ثلثه الأول ، وفي نقطة أخرى لم يدخل الليل بعد .
ومن المعلوم أن الله تعالى ليس فقط رب المدينة المنورة ومكة المكرمة وحدهما دون باقي المدن , لينزل في الساعة التي يكون فيها ثلث الليل هناك ، وإنما هو رب العالمين ، وله عباد في جميع أنحاء الأرض .
وعلى هذا فينبغي وفق حديث النزول أن يكون الله تعالى مستقرا في السماء الدنيا لا يغادرها ، لأن كل ساعة تمر على الأرض ستكون بالنسبة له في نقاطها ثلث الليل الأخير . فما معنى قوله في الحديث (( ينزل كل ليلة ))!

وقد قام الشيخ ابن تيمية على منبر الجامع الأموي في دمشق يوم الجمعة خطيبا فقال أثناء كلامه : إن الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا ، ونزل درجة من درج المنبر … فعارضة الفقيه المالكي ابن الزهراء وأنكر عليه ما قال فضرب هذا الفقيه وسجن ( ذكر ذلك ابن بطوطة في رحلاته 1 / 57 عند ذكر قضاة دمشق ، ونقل الأستاذ صائب عبد الحميد في كتابه ابن تيمية : ص 118 قول ابن تيمية السابق عن الدرر الكامنة ، ابن حجر العسقلاني 1 / 154 ) .

ويرى السلفية بأن الله تعالى يخلق أفعال العباد ، ويستنتجون هذا مما صرح به البخاري في صحيحه على لسان أنبياء الله ـ والعياذ بالله ـ جاء في صحيح البخاري : (( أحتج آدم وموسى فقال له موسى يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة . قال له آدم :يا موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده أتلومني على أمر قدرة الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة فحج آدم موسى ثلاثا … )) ( صحيح البخاري ( كتاب القدر ـ باب تحاج آدم وموسى 7 / 214 ) .
إن ذا اللب المتأمل في الحديث السابق يجد أن الإنسان مسّير فلاحظ عبارة (( أتلومني على أمر قدرة الله علي )) فتجد فيها الجبر بعينه .
وليتهم يقولون لنا : كيف يخلق الله أفعال العباد ثم يعاقبهم عليها ؟ أليس هذا هو الظلم بعينه : (( ولا يظلم ربك أحدا )) .
ونحن ننزه أنبياء الله تعالى عن هذا الاعتقاد , وهم أعرف الناس بالله ، كما ننزه كليم الله تعالى النبي موسى عن هذا الفحش من القول : (( أنت أبونا خيبتنا )) . وأين التقى آدم وموسى ومتى كان ذلك ؟.
هذه صورة مجملة عن هذهِ العقيدة بالله تعالى ، وهي لايمكن أن تتلائم مع روح الإسلام بل إنها الحاق الشرك بفكر الإسلام العظيم .
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله وصحبه اجمعين.
 dr. Sajid Sharif Atiya  سجاد الشمري  sajidshamre@hotmail.com





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق