بسم
الله الرحمن الرحيم
الاحكام
الوضعية الاسلام حقوق الإنسان
تتميز حقوق الإنسان بالإسلام بمميزات عدة ،
أولها الربانية الملزمة الثابتة الشاملة , وهناك مالا حصر له من الصفات الكثيرة .
المقارنة بين حقوق الانسان في الاسلام والاحكام والمواثيق الوضعية .
جهة
المصدر :: في
الاحكام الوضعية حقوق الإنسان مصدرها هو الإنسان نفسهُ ، وبالنتيجة فإن الواضع
مركب ناقص ، وأصابته للواقع أقل وخطأهُ أكثر , وإن احاط بجزئيةٍ ، تغافل عن باقي
المكون للاجزاء ، وإنْ أدرك باقي الجزئيات قصّر عنه الإحاطة ، وعلى مر الدهور
الإنسان بطبيعته يغلب عليه الهوى([1])،
فتكون محصلتها من الأمور التي لا يشك عاقل في أنها مضرة بالمجتمع.
فمصدر حقوق الإنسان كتاب الله
العزير ، وسنة الرسول صلى الله عليه واله الذي لا ينطق عن الهوى .
إذاً فلا يمكن الخلل في التشريعات الربانية ، ولا التقصير ولا النقص ، ولاهي ضيقة النظرة ، ففهيا
التوازن ، ومراعاة مصلحة الفرد([2])
ومصلحة المجتمع .
جهة الإلزام : وهذه الجهة تترتب على
الجهة الأولى (المصدر):
فالاحكام
الوضعية والوثائق الموضوعة من قبل الإنسان هي ليست إلا مجرد تصريحات ورأي،
وبالتالي فهي توصيات صادرة من دول ، فتكون لا إجبار وإلزام بتطبيقها من كل جانب
إلا بتقييدها([3])ويكون
فرظها من قبل الدول المشرعة لها ملازماً لمصلحتها، والإخلال بها لايترتب أي جزاء
قانوني .
وأما في أحكام الشارع المقدس فهي
الأبدية الثابتة الإلزامية فهي لا الحذف ولا التبديل ولا الجزئية . وهي بين أيدي
الفرد ماعليه سوى الأخذ بها، خائفاً من العقاب، وراجياً الثواب , ومّن سوّلت له
نفسه الضِرار أو العبثَ بها، فهنا مِن حق السلطة المبسوطة يدها في الإسلام ،
إجبارهِ على التنفيذ ، وإصدار العقوبة الشرعية لهُ.
الجهة
الأسبق : إنّ أول وثيقة لحقوق الإنسان ,
بالاحكام والوثائق الوضعية ، هي ما جاءت عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان([4])،
وبفترة بسيطة جداً بالقياس لنظر التأريخ والمشرع .
وأما لدى الشارع المقدس فبدأت
بخلق أدم عليه السلام وبعدها الشرايع السماوية الى أن وصلت الى ظهور الإسلام
وحملها الى يومنا هذا، وهي حقوق لله تعالى الثابته ، وحق العباد، كالحقوق السياسية
، و المدنية ، والاجتماعية ، والثقافية ، وغيرها الكثير من الحقوق التي لم نذكرها
.
وعند تلاوة
الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية هي في الحقيقة مواثيق وقوانين . ومن أشهرها
بما يختص بحقوق الإنسان , بما جاء على لسان نبي الرحمة في حجة الوداع ، تلك الخطبه
المشهورة .
جهة
الضمانات : بالاحكام والوثائق الدولية لحقوق
الإنسان([5])
وكذلك الحمايات الدولية لها, ليس مجرد إلا كونها من التوصيات الأدبية ، وكما هي من
المحاولات التي لم تبلغ الحد للتنفيذ. وقوامها على إتجاهين :
الإتجاه الاول : المحاولة بإتفاق
على أساس عام (مخصص غير شامل) على أن يكون معترف بين الدول.
الإتجاه الثاني : المحاولة لوضع
الإجرءات أو بالأحرى الجزاءات الملزمة ، لغرض إدانة الدولة التي تنتهك حقوق
الإنسان . هذا بالنظر للمشرع لها.
وهي (التوصيات الادبية ) بملاحظة
واقع الحال في الحقيقه – كما يقولون - كالحبر على الورق, فيمكن التلاعب بها
وبالخصوص الواضع , وحتى لوكان فيها ضرر على الأفراد أو المجتمعات , أوالأمم ,
كيفما تملي عليه الأهواء والمصالح .
وأمَّا بالإسلام فالحقوق الممنوحة
من الله تعالى للإنسان فهي بحماية وضمان من المشرع ، ولها الكثير من الاتجاهات
لأنها:
الإتجاه الأول : من ناحية التعدي
والتجاوز , فقدسيتها أُلبستها الهيبة والاحترام ؛ لأنها مُنزّلة من عند الباري عزّ
وجلّ ، وبهذهِ القدسية تُشَكِّلُ رادعاً لامفر منهُ للأفراد والحكام على السواء.
الإتجاه الثاني : إحترام المشرع
ينبع من داخل نفس الانسان المؤمن بالله سبحانه وتعالى.
الإتجاه الثالث : إستحالة إلغاؤها
، أو نسخها، أو تعديلها لان الوحي قد انقطع بوفاة الرسول خاتم الانبياء عليهم
السلام .
الإتجاه الرابع : الإفراط
اوالتفريط غير موجود بأحكام المشرع بكل الكتب السماوية والتاريخ والاعراف والاجماع
الشاهد على مدى السنين .
ولغرض حماية حقوق الإنسان
والمحافظة عليها , شرّعَ الله سبحانهُ وتعالى إقامة الحدود الشرعية. والأنظمة القضائية
.
الجهة
الشمولية : الإسلام
يتميّز بالشمولية ، وهناك بعض حقوق الإنسان الغير مذكورة في مشروع الإعلان العالمي
لحقوق الإنسان مثل :
- حق اليتيم : إشارة الميثاق
العالمي الرعاية لحق الطفل فقط .
ولكن الإسلام تميز بإعطاء العناية الخاصة لليتيم ، وحَفِظَ
حقوقهم، وأمر بالإحسان إليهم ، في كل المجالات ، بل ورتَّبَ الأجر والثواب على ذلك
.
كقوله
تعالى-:]ويسئلونك
عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم [ ([6]). وقوله تعالى : ]وآتوا اليتامى أموالهم
ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوباً كبيراً[([7]).
فكان ترتيب العقوبة على من أكل أموالهم
(اليتامى) ، كقوله تعالى: ]إن الذين يأكلون أموال
اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً[ ([8]).
- حقوق ضعاف العقول : كفالة
الرعاية والاهتمام في الإسلام ، بحسن المعامله لهم ، كقوله تعالى-:
]ولا تؤتوا السفهاء
أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم وقولاً
معروفاً[ ([9]).
- حقوق المواريث وهو الذي تغافلت
عنه الاحكام والوثائق الوضعية ، بينما ترى الاسلام قد أقرّ ونظّم هذا الحق ، في
شتى الصور الرائعة ، وإبطال ما كان عليه الامم السالفة قبل الإسلام ، من إسقاط
حقوق المرأة في الميراث ، مثل كقوله تعالى-:
]للرجال نصيب مما ترك
الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر
نصيباً مفروضاً[([10]).
وقد بيّن المقدار من النصاب في
أكثر الآيات القرانية ، كما حثت السنة النبوية بقوله صلى الله عليه وآله وسلم
( ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي
فلأولى رجل ذكر )([11])
- حقوق الدفاع عن النفس وهذا من الحق الذي لم يذكر في الإعلان العالمي
لحقوق الإنسان ، بينما تجد الآيات القرانية والأحاديث النبوية الاقرار به وتنظيمه
كقوله تعالى :
]فمن اعتدى عليكم
فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين[([12]) .
بل شجّعَ وأمر الله سبحانهُ
وتعالى بالجهاد والإعداد له كقوله تعالى :
]وأعدوا لهم ما استطعتم من قوةٍ
ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله
يعلمُهُم...[ ([13]).
- حقوق العفو : دين الرحمة
والتسامح والعفو والإحسان هو الإسلام ، بلا إستسلام أوذل أو تمكين الأعداء ، وهو
ما لم يهتم به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. كقوله تعالى :
]ولا تستوي الحسنة ولا
السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم[ ([14]). وكقوله تعالى:
]وإن
تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم [([15]).
والحمد
للــــه رب العالمين dr. Sajid Sharif Atiya اعداد
سجاد الشمري sajidshamre@hotmail.com
[1] - رواية الاحتجاج للطبرسي
عن تفسير الإمام الحسن العسكري(عليه السلام): «أمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه وحافظاً لدينه مخالفاً
لهواه...» احد شروط شرط المرجع
[2] - المقصود هو كفرد في المجتمع
[3] - كل نواحي الحياة كالقروض وبالخصوص منها
التجارية والتقدم العلمي .
[4] - في القرن الثالث عشر الميلادي ، سنة (1215م ).
[5] - المقصود الوضعية بشرية المصدر .
[6] - البقرة :
121
[7] - النساء : 2
[8] - النساء 10
[9] - النساء : 5
[10] - النساء : 7
[11] - الحديث رواه البخاري (12/11- فتح ) ، برقم :
6732 ، كتاب : الفرائض ، باب : ميراث الولد من أبيه وأمه ، ومسلم (11/52– نووي) ،
كتاب : الفرائض . 2- الفصول المختارة من العيون و المحاسن(للشيخ المفيد) : الشريف
المرتضى: محمد بن علي (355ـ 436هـ) مكتبة الداوري، قم المقدسة ـ 1396هـ.
[12] - البقرة
:194
[13] - الأنفال :
60
[14] - فصلت : 34
[15] - التغابن : 14
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق